الله ذلك وهو واضح الإنكار وأما قول المرجئة إن الفساق مؤمنون فما ادعوا ولاية ولا محبة حتى تصح المعارضة لهم وأما جواب تعذيب المؤمن فلا أدري كيف أنكر ذلك وهو يرى الحدود والآداب وهي من العقوبات جارية في الدنيا على المؤمنين ولم يخرجهم عن اسم الإيمان في الحال وقد سمى الله تعالى في القرآن خلقا عظيما وصفهم بالفرار من الزحف وبذنوب ظاهرة الكشف مؤمنين.
أقول وقد ترى العقلاء يعذبون أبناءهم وخواصهم والعزيزين عليهم من وجه ويكرمونهم من وجه والعيان دال عليهم وترى القرآن الشريف يتضمن معاتبات الأنبياء وإخراج آدم من الجنة وبلواهم وهو كالأدب من وجه وهم مكرمون ومعظمون من وجوه أخر ثم قال البلخي ما هذا لفظه ولن يجوز أن يعذب الله واحدا ويغفر لآخر في مثل حاله لأن ذلك هو المحاباة والله أعلم لا يحابي ولا هوادة ولا قرابة بينه وبين أحد من خلقه فيقال له وهل ينكر أحد أن كثيرا من الذنوب التي أهلك الله تعالى بها كثيرا من الأمم الماضية وقع مثلها في أمه نبينا محمد (ص) ولم يعاجلهم ويعاقبهم كأولئك وهل يجد عاقل في عقله أنه يمنع مانع من العفو عن أحد مسيء دون الآخر إن تساوت إساءتهما وهل يمنع صاحب دين على اثنين متساويين في الدين أو غيره أن يسقط ديونه عن أحدهما أو يطلب ديونه التي على الآخر ثم قال البلخي بلفظه فإن قال قائل إن الخلق خلقه والأمر أمره يصنع ما يشاء قيل له إن ذلك وإن كان كذلك فإنه لا يفعل إلا الصواب والحكم وبعد فإن كان الأمر على ما قدرت فما جرأ أن يعذب الأنبياء ويخلد الشياطين في الجنة لمثل هذه العلة فيقال له كيف حكمت عليك العصبية للعقيدة التي أنت عليها إلى هذه الغاية وهل أوجد العقول بحيل أنه إذا كان للعبد حسنة وسيئة أن يجازى على حسنته ويعاقب على سيئته وهل هذا خارج عن الحكمة والصواب وأما معارضته بالأنبياء والشياطين فإن تساوى الأنبياء والشياطين فما كان الحديث فيه وهل يجد معا بلا خلاف بين الأمة من تعذيب الأنبياء