يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ).
قال الطبرسي ما هذا لفظه ـ (الْأَيْدِ) القوة على العبادة المضطلع بأعباء النبوة وقيل ذو القوة على الأعداء لأنه رمى بحجرة من مقلاعه صدر الرجل فأنفذها من ظهره فأصاب آخر فقتله يقال فلان أيد وذو أيد وذو آد وأياد كل شيء ما يتقوى به إنه أواب رجاع عن كل ما يكره الله إلى ما يحب وقيل سبح مطيع يسبحن حال واختير على مسبحات وإن كان في معناه ليدل على حدوث التسبيح من الجبال حالا بعد حال وكان داود إذا سبح جاوبه الجبال والطير بالتسبيح واجتمعت الطير مسبحة بذلك حشرها كل واحد من الجبال والطير له لأجل داود أي لأجل تسبيحه تسبح لأنها كانت تسبح بتسبيحه.
يقول علي بن موسى بن طاوس إن قيل إن أواب معناه كثير الرجوع وقد قال الطبرسي في تفسيره رجاع عن كل ما يكره الله إلى ما يحب فهل يتصرف من هذا ما يؤخذ على داود والجواب أن كل من قبل عنه أنه رجع عن شيء مما يلزم أنه دخل فيه فإن الرجوع الذي يتضمنه المدح لداود يقتضي أن يكون معصوما منزها عن الدخول فيما يكرهه الله أبدا ولو كان رجاعا بمعنى كثير الرجوع عما دخل فيه لكان ذلك متناقضا لمراد الله جل جلاله بمدحه وجواب آخر لعل معناه أنه ما عرض له غير الله إلا تركه ورجع إلى الله والعوارض لا تحصى للإنسان وجواب آخر لعله ما عورض له مندوبان أحدهما أرجح من الآخر إلا ترك المرجوح ورجع إلى الراجح وجواب آخر لعل المراد أن داود لما رأى أن الله جل جلاله لما انفرد بتدبيره قبل أن يجعل لداود اختيارا كان التدبير محكما وداود سليم من وجوه المعاتبات فلما جعل لداود اختيارا مع اختيار الله خاف داود من معارضة اختياره لاختيار الله تعالى كما جرى لآدم فكان سأل الله عزوجل الرجوع إلى تسليم اختياره إلى الله جل جلاله ليكون الاختيار لله تعالى فيكون تصرفاته صادرة إلهاما عن الله تعالى