عادة الملوك في لفظ التغلب والقهر أو لعل المراد أنه لما كان الحال حال انتقام كان الخبر بها بلفظ قيل المبني بوصف كامل الرحمة والإنعام ولعل المراد أن هذا مما يريده جل جلاله عظمته وإجلاله إذا قال قلت فقال تعالى فقيل على سبيل أن هذا الأمر كان عندنا يسيرا في المقدور أو غير ما ذكرناه من الأمور ومنها أن (ابْلَعِي ماءَكِ) وكان الماء بعضه من الأرض وبعض من السماء فإنه لما صار في الأرض فقد اختص بها ولم يبق مضافا إلى غيرها ومنها أن أمرها ببلعه ولم يذهبه بنسف الرياح ولا بقوة حر الشمس ونحو ذلك من غير بلع فإن في ذلك تهديد لبني آدم فيما بعد أن يغرقوا إن الأرض تبلع ما يريد الله جل جلاله بلعه وإتلافه وأخذه فهي كالعبد الأسود ومنها أن إمساك السماء للماء بعد فتح أبوابه برهان عظيم على أنه جل جلاله قادر لذاته في الإتيان به وإذهابه ومنها أن لفظ (وَغِيضَ الْماءُ) بعد استفحاله وعلوه على كل عال ومنخفض بعد رحاله على وجه واحد وذهاب متعاضد من غير تدريج ولا تأخير عظيم في كريم وصف القدرة وكمال التدريج ومنها (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) وأن تحت هذه اللفظة من كيفية هلاكهم ومن العجائب الكثيرة ما قد امتلأت الأوراق بوصفه فأتى به جل جلاله بهذه اللفظة الواحدة واحتوت على كشفه ومنها استوت السفينة على الجودي ومن عادة السفن عند الأمواج أنها لا تقف مع الاستواء بل هي أقرب إلى الاضطراب والاعوجاج فكان استواؤها من الآيات الباهرات حيث لم يضرها ما كانت من المياه المختلفات ومنها في (وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) وما فيه من تهديد لمن سلك سبلهم في الهوى بالمرسلين وأنهم ما كفاهم الهلاك وشدة البوار والدمار حتى كانوا في باطن الأمر مطرودين عن باب يتبعه الراحم والبار بما فعلوه من الإصرار والاستكبار.
فصل فيما نذكره من الجزء الثالث من جمع الجوامع للطبرسي من أواخر الوجهة الأولى من القائمة السابعة من الكراس الحادي عشر ـ (اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ