وكرامته التي آتاها نبيه محمدا (ص) لأن قوله (أَمْ يَحْسُدُونَ) لا يجوز بأن يكون معناه الشك لأن الله لا يجوز عليه الشك بل هو لم يزل عالما بكل شيء وقد يجوز مثل هذا في اللغة أن يقول القائل على كلام قد تقدم أم فعلت ذلك وهو يعني بل فعلت ذلك وعنى بقوله (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ) مثل ما آتينا محمدا (ص) من الكتاب والحكم والنبوة والملك فآتينا محمدا ذلك كما آتيناه أولئك فلا ينبغي أن يحسدوه على ذلك بأن يكذبوه لأن ما آتاه من ذلك إنما هو من فضل الله والله يؤتي فضله من يشاء وليس للعباد أن يحسدوا أحدا على فضل الله.
يقول علي بن موسى بن طاوس قول الجبائي إن اليهود كانت تحسد رسول الله (ص) على نبوته فإن اليهود كانت منكرة لنبوته (ص) ولو قال إن الحسد كان على كلما بلغ إليه (ص) من كل حال يحتمل الحسد عليها على اعتقادهم فيه كان أقرب إلى صواب التأويل وقول الجبائي إنهم كانوا يحسدون أصحابه المؤمنين فإنه تأويل متناقض لما تقدم قبله من القرآن في قوله تعالى (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) وقول الجبائي وعنى بقوله (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ) مثل ما آتينا محمدا من الكتاب والحكم والنبوة والملك فآتينا محمدا (ص) وذلك كما آتينا أولئك فأقول لو أنصف الجبائي لكان يرى في تأويل هذه الآية أن الله جل جلاله قد آتى محمدا (ص) وآله الملك والنبوة والحكمة كما كان آل إبراهيم وإلا لو كان قد آتى محمدا (ص) النبوة ولم يؤت آله حكمة ولا ملكا كيف كان يكون قد آتى محمدا (ص) مثل ما آتى آل إبراهيم والحديث كله إنما كان في آل إبراهيم فيجب أن يكون قد آتى آل محمد (ص) مثل ما آتى آل إبراهيم وهذه الآية كما ترى شاهدة على ما ذكره من تأويلها أنه آتى محمدا مثل آل إبراهيم أن يكون آل محمد (ص) آتاهم الحكمة والملك العظيم.
أقول وهذه رد أيضا على من قال من المتقدمين إنه لا تجتمع النبوة والملك والخلافة في بيت واحد وقد جمعها الله تعالى لإبراهيم وآله وإذا جمعها