الأولة من القائمة العاشرة من ثاني كراس منه من حديث زكريا ومريم بلفظه وروي أنه كان لا يدخل عليها إلا هو وحده وكان إذا خرج غلق عليها سبعة أبواب و (وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً) كان رزقها ينزل عليها من الجنة ولم ترضع ثديا قط وكان يجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء يقول لها (أَنَّى لَكِ هذا) من أين لك هذا الرزق الذي لا يشبه أرزاق الدنيا وهو آت في غير حينه والأبواب مغلقة عليك لا سبيل للداخل به إليك ـ (قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) فلا تستبعد قيل تكلمت وهي صغيرة كما تكلم عيسى (فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا) وعن النبي (ص) أنه جاع في زمن قحط فأهدت له فاطمة رغيفين وبضعة لحم آثرته فيها فرجع إليها فقال هلمي يا بنية وكشفت عن الطبق فإذا هو مملوء خبزا ولحما فبهتت وعلم أنها أنزلت من الله فقال لها (ص) (أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) فقال (ع) الحمد لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل ثم جمع رسول الله (ص) علي بن أبي طالب والحسن والحسين (ع) وجميع أهل بيته فأكلوا منه حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو وأوسعت فاطمة على جيرانها.
أقول وهذا الزمخشري من أعيان رجال أهل الخلاف ويميل إلى الإنصاف.
فصل فيما نذكره من الجزء الثاني من الكشاف أيضا للزمخشري من الوجهة الأولة من الكراس الخامس من تاسع قائمة منها وابتداء عدد هذا الكراس من سورة النساء بلفظ الزمخشري (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) أي ارجعوا فيه إلى الكتاب والسنة وكيف يلزم طاعة أمراء الجور وقد ختم الله الأمر بطاعة أولي الأمر بما لا يبقى معه شك وهو أن أمرهم أولا بأداء الأمانات وبالعدل في الحكم وأمرهم آخرا بالرجوع إلى الكتاب والسنة فيما أشكل وأمراء الجور لا يؤدون أمانة ولا يحكمون بعدل ولا يردون شيئا إلى كتاب ولا سنة إنما يتبعون شهواتهم حيث ذهبت بهم ـ