كل صنعة يحتاج إلى استعمال شيء منها كالكتابة وغيرها أتراه يعتقد أن النبي كان يحسن الكتابة أم هو موافق للقرآن في أنه ما كان يحسنها ويحتاج إلى الصحابة في المعرفة بها وليسوا أنبياء على اليقين أما سمع الجبائي أن وصي سليمان كان عنده من العلم بإحضار عرش بلقيس ما لم يكن عند سليمان لمفهوم قول الله تعالى ـ (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ). أقول وأما قول الجبائي إن الوحي لا يكون إلا للأنبياء فهو جهل منه أيضا وتكذيب للقرآن ومكابرة للعيان أما سمع الجبائي في كلام الله تعالى ـ (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا) وليسوا أنبياء أما كان للجبائي من العقل ما يدل على أنه إذا جحد الوحي إلى غير الأنبياء أن يجوز أن يكون الله تعالى ألهم الخضر ذلك إلهاما من غير وحي حتى وقع الجبائي في هذا التعبير لقد كان مستورا لو لا اشتغاله في هذا التفسير
فصل فيما نذكره أيضا من الجزء الحادي عشر من تفسير الجبائي بعد أربعة قوائم من الموضع الذي ذكرناه قبل هذا فقال الجبائي ما هذا لفظه وقوم من جهال العوام يذهبون إلى أن الخضر هو حي إلى اليوم في الأرض وأنه ليلقى الناس ويلقونه وهذا جهل ظاهر لأن هذا يوجب أن يكون بعد نبينا محمد (ص) نبي تلقاه أمته ويأخذون عنه أمر دينهم ولو كان ذلك كذلك لم يكن محمد (ص) خاتم النبيين وآخرهم ولجاز أن يكون في زمنه نبيا كما كان بعده في أمته نبي هو الخضر وهذا يوجب تكذيب القرآن مع أن الخضر إنما كان رجلا من بني آدم فلو كان كذلك لوجب أن نعرفه كما تعرف الناس بعضهم بعضا بالملاقاة والمشاهدة فإذا كان لا يعرف ولا يعرف له مكان فهذا دليل على بطلان ما يدعونه من حياته وملاقاته بل يعلم أنه قد مات قبل نبينا محمد وإنما نبينا بعث بعد الأنبياء ولم يكن معه في الأرض نبي ولا بعده لأنه آخر الأنبياء.
يقول علي بن موسى بن طاوس إنما تكذيب الجبائي بحياة الخضر والأخبار متواترة من الفرق كلها بحياته وملاقاته ولا أدري كيف استحسن