بذلك السجود فلو كان ذلك خضوعا من غير سجود ما كان يقول (ع) ـ (هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا) وقال الجبائي في تفسير قوله تعالى ـ (لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ) الآية إن تأويلها عند يعقوب كان إخوته وأبويه يخضعون له ويعظمونه ولم يذكر ما نص الله تعالى من تأويلها وشرحه يوسف أنه السجود المعهود بل يقبل العقل أن يوسف علم منها ما لم يعلمه يعقوب.
فصل فيما نذكره من الجزء الحادي عشر وهو أول المجلد السادس من تفسير الجبائي من الوجهة الأولى من القائمة السابعة من الكراس الثامن بلفظه وأما قول الله سبحانه وتعالى ـ (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) فإنما عنى به لا سبيل لك على عبادي في أن تضرهم سوى وسوستك لهم في الاستدعاء لهم إلى المعاصي فأما سوى ذلك من الضرر الذي يجوز أن تضر به العباد بعضهم بعضا فإنه لا سبيل لك عليهم ولا قوة لأن الله خلقه خلقا ضعيفا عاجزا رقيقا خفيا ولرقته وخفائه صار لا يراه الناس فهو لا يمكنه أن يضرهم إلا بهذه الوسوسة التي يستغوي بها العصاة منهم.
يقول علي بن موسى بن طاوس إن استثناء الجبائي للوسوسة وليس في الآية استثناء وقوله إن الله جل جلاله عنى هذا التأويل لعظيم من الجرأة والإقدام في الإسلام وهلا قال إنه يحتمل أن يكون المراد أن عبادي هذا التخصيص والإشارة أنه ليس عليهم سلطان يقتضي المخلصين منهم الذين قال إبليس عنهم ـ (لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فمن أين علم الجبائي أن الله ما أراد إلا تأويله وأما قول الجبائي إنه ما يقدر على غير الوسوسة التي أخرجت آدم من الجنة وأهلكت الخلائق إلا القليل فكيف هو ما يحابي على تأويله الضعيف ولقد كان القتل من إبليس مع سلامة الآخرة أهون مما يسمى له من هلاك الدنيا والآخرة فإن المفهوم من قول الله تعالى ـ (وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) أن هؤلاء العباد المشار إليهم ما قدر إبليس عليهم ليكون المنة من الله في مدحهم وعصمتهم من إبليس كاملة ـ