قبورهم لأن الله إذا أراد أن ينعمهم في قبورهم وأن يجعل لهم بعض ثواب أعمالهم في الدنيا لم يجز أن يوصل إليهم النعيم والثواب حتى يحييهم لأن الميت لا يجوز أن يجد النعيم واللذات.
يقول علي بن موسى بن طاوس قول الجبائي إنما عنى به النبي (ص) تحكم عظيم على الله تعالى وإقدام هائل على كتابه العزيز ولعله لو قال إن الآية نزلت على معنى إياك أعني واسمعي يا جارة وإنما لعل المراد التعريف للمؤمنين ولأهل الشهداء أن من قتل منهم أحياء يرزقون وأنهم ما ماتوا فإنهم كانوا أحوج إلى معرفة ذلك من تعريف النبي بحيث يسهل على الناس الجهاد والقتل إذا عرفوا أن الشهادة حياة عند الله تعالى ولقتل أهل الشهداء عن قتالهم بما يعرفونه من حياتهم ولئلا يشمت الكفار بهم إذا قتلوا في سبيل الله.
أقول وأما قول الجبائي إن المراد في حياة الشهداء في تلك الحال إلى أن أخبره الله تعالى لرسوله (ص) تحكم أيضا من الجبائي وإقدام لا يليق بذوي الورع والدين لأن الآية قد تضمنت تخصيص الوقت دون غيره وهي محتملة لحياة الشهداء بعد قتلهم حياة مستمرة فمن أين عرف الجبائي أنها مختصة بالوقت الذي ذكره لا قبله ولا بعده.
أقول وأما قول الجبائي إنهم يكونون في قبورهم فهو لعله خلاف إجماع الذين يغيرهم من المسلمين لأن الطعام والشراب والأكل في القبور خلاف الظاهر من مذاهب العلماء العارفين وما الذي حمل الجبائي على تخصيص ذلك بوقت كونهم في القبور وليس في الآية ما يوجب ذلك افتراء يعتقد أنهم إذا أكلوا في القبور يكون عندهم بيوت طهارات ويحتاجون إلى ... لكونهم بعد في الحياة الدنيا على ما اختاره من التأويلات.
أقول وأما قول الجبائي (عِنْدَ رَبِّهِمْ) أنه عنى به أنهم في موضع لا يملك لهم أحد من العباد نفعا ولا ضرا فهو جهل من الجبائي بمعاني كلام العرب والجرأة منه على الله تعالى حيث يقول إنه جل جلاله عنى به ما يقول ـ