المعاصي فتكون إشارة الملائكة بالتوبة واتباع السبيل إلى الحال الأول ويعضده (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) أو هلا احتمل اغفر للذين تابوا من الكفر وجاهدوا في سبيل الله وإن كانوا مذنبين لأن سبيل الله هو الجهاد في آيات من القرآن ولا يكون سبيل الله كما ادعاه البلخي وبالجملة فالاحتمالات كثيرة في التأويلات فمن أين عرف أن دعاء الملائكة الذي كان بهذه الصفات يقتضي الشفاعة لمن ذكره دون أصحاب الكبائر من المؤمنين فلا وجه له في ظاهر هذه الآية ولا تعلق عند من أنصف في التأويل ولعل التعصب لعقيدته يمنعه أن ينظر الأمر على حقيقته أتراه يعتقد أن الدعاء شفاعة وهل دل شرع أو عرف على ذلك ولو كانت شفاعة الصالحين من أين يلزم منه شرط الشفاعة للمذنبين.
فصل فيما نذكره من جزء آخر في المجلد الذي أوله تفسير سورة (ص) وأول هذا الجزء الآخر سورة محمد (ص) وآخره تفسير سورة الرحمن فقال البلخي في الوجهة الثانية من القائمة الثانية عشر منه من تفسير سورة الفتح (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) فذكر اختلافا في هذا الفتح فذكر بعضهم أنه الفتح بحجج الله وآياته وذكر أنه يجوز أن يكون الفتح هو الصلح يوم الحديبية وبعضهم قال هو فتح خيبر ثم ذكر البلخي في قوله ـ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) وجوها كلها تقتضي تجويزه على النبي (ص) ذنوبا متقدمة من الوجوه المذكورة ـ (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ) في الجاهلية ـ (وَما تَأَخَّرَ) منه وأن بعد الرسالة ما يكون له ذنب إلا جزاء له عند الله منها (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ) في الجاهلية ـ (وَما تَأَخَّرَ) من ذنبك في الإسلام ومنها أن هذه المغفرة كانت بسبب صبر النبي (ص) ومبايعته تحت الشجرة على الموت.
يقول علي بن موسى بن طاوس لو كان الأمر كما ذكره البلخي من تحقيق الذنوب على النبي (ص) كان يكون الفتح غلطا وتنفيرا عن النبي (ص) وإغراء للمسلمين بالذنوب وهتكا لستر الله تعالى الذي كان