أنبياء بني إسرائيل الذين بعثوا بعد موسى وهذا أقبح من قول من قال إن صاحب موسى كان الخضر وأما ما لا يشك فيه فإنه كان نبيا من أنبياء الله ورسولا من رسله لأن الأنبياء لا يجوز أن يتعلموا العلم إلا من ملك من ملائكة الله أو رسولا من رسله لأن من لم يكن من الملائكة والرسل يجب عليهم اتباع الرسل والتعلم منهم ولا يجوز أن يحتاج الأنبياء إلى أن يتعلموا ممن يجب أن يتعلم منهم فهذا بين أنه كان من رسل الله وأنبيائه ويدل على ذلك أيضا أن هذا العلم لا بد لمن يعلمه بوحي الله عز ذكره إذا كان لم يخبر به نبي من أنبيائه والله تبارك وتعالى لا يوحي إلا إلى أنبيائه ورسله فجميع ما ذكرناه يوجب أن يكون هذا العبد الذي ذكره الله نبيا لله ورسولا له هذا آخر كلام الجبائي بلفظه.
يقول علي بن موسى بن طاوس أما قول الجبائي إن الذي اجتمع به موسى ما هو الخضر فإنه في إنكاره كالمخالف للإجماع الذي تعتبر به وإن خالف أحد فشاذ لا يلتفت إليه وربما وهى الجبائي في ذلك من قلة معرفته بهذه الأمور وأما قول الجبائي إن الخضر بعد موسى فلو ذكرنا قول كل من قال بخلاف الجبائي بلغ إلى الأطناب ولكن نحكي حديث الزمخشري في تفسيره المسمى بالكشاف فهو عالم بعلوم كثيرة لا يخفى فضله عند ذوي الإنصاف فإن الزمخشري حكى في تفسير سورة الكهف أن بني إسرائيل سألوا موسى أي الناس أعلم فقال أنا فعتب الله حين لم يرد العلم إلى الله فأوحى الله إليه بل أعلم منك عبد لي عند مجمع البحرين وهو الخضر وكان الخضر في أيام أفريدون قبل موسى وكان على مقدمة ذي القرنين الأكبر وبقي إلى أيام موسى وذكر الزمخشري وجها آخر في سبب طلب موسى الخضر أن موسى قال لله تعالى إن كان في عبادك من هو أعلم مني فدلني عليه قال أعلم منك الخضر قال أين أطلبه قال على الساحل عند الصخرة أقول وأما قول الجبائي إن الأنبياء لا يجوز أن يتعلموا من غير نبي وإطلاق هذا القول فهو جهل منه وخلاف العقل أتراه يعتقد أن كل شيء كان يعرف ـ