الورع إلى الامتناع من الأذان على منارة تبنى على موضع قطرة فيه من الخمر فيقال إن الله تعالى لما قال في أواخر الآية (فَاجْتَنِبُوهُ) اقتضى الاحتياط عموم الاجتناب لاستعمال الخمر في سائر الأسباب وأن يكون منها ذرة وقطرة أساسا أو معونة على صواب وأما بيان الكلإ بما قد جرى فيه قطرة من الخمر وإن كانت قد تفرقت فإنه روي عن النبي (ص) أنه قال إن حمى الله محارمه ومن رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه فينبغي التباعد عن حول الحمى على ما قال وعن مولانا علي (ع) في اجتناب حول الخمر كما لعن رسول الله (ص) غارسها وساقيها وليست في تلك الحال خمرا وإنما هو مبالغة في تعظيم تحريمها ولأن أصحاب المبالغات في التواريخ عن الشبهات يبلغون إلى نيل هذه الغايات حفظا لمقاماتهم العاليات وخوفا من ذل المعاتبات
فصل فيما نذكره من الجزء المذكور من الكشاف أيضا من الوجهة الثانية من القائمة الثامنة من الكراس التاسع عشر منه في تفسير قوله تعالى بلفظه ـ (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) أي الوسطى بين الصلوات أي الفضل من قولهم للأفضل الأوسط وهي صلاة العصر ـ وعن النبي (ص) قال يوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم نارا وهي الصلاة التي شغل عنها سليمان بن داود (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) وعن حفصة أنها قالت لمن كتب لها المصحف إذا بلغت هذه الآية فلا تكتبها حتى أمليها عليك كما سمعت رسول الله (ص) يقرؤها فأملت عليه والصلاة الوسطى وصلاة العصر وروي عن عائشة وابن عباس والصلاة الوسطى وصلاة العصر بالواو فعلى هذه القراءة يكون التخصيص لصلاتين إحداهما الصلاة الوسطى إما الظهر وإما الفجر وإما المغرب على اختلاف الروايات فيها والثانية العصر وقيل في فضلها لما في وقتها من اشتغال الناس بتجاراتهم وبمعايشهم وعن أبي عمير صلاة الظهر لأنها في وسط النهار وكان رسول الله (ص) يصليها بالهاجرة ولم تكن صلاة على أصحابه أشد