معناه وإنما يقع بالتدبر والفكر فيجب أن يلزم الأمر الذي معه أن يصح وجل القلب والخوف والخشية فيدل على وجوب النظر والتدبر في الأمور والأدلة لأنه يقتضي ما ذكرناه من الوجل والخشية هذا آخر لفظ عبد الجبار.
يقول علي بن موسى بن طاوس قول عبد الجبار إن الآية تدل على أن الإيمان ما هو باللسان واعتقاد بالقلب وأنه كل واجب وطاعة من أين عرف أنه كل واجب وطاعة وليس في الآية معنى كل واجب وطاعة ولا لفظ يدل عليه وأما قوله إن الله تعالى ذكره في صفة المؤمن ما يختص بالقلب والجوارح فيقال له إذا كنت عاملا على ظاهر هذه الآية كما زعمت فهل يخرج من الإيمان كل من لم يحصل عنده وجل عند تلاوة القرآن عليه فإن قال نعم كان بخلاف إجماع الأمة وإن اعتذر عن هذا بأنه إنما أراد الله الأفضل من المؤمنين خرج ظاهر الآية منه.
أقول وأما قوله إن الخوف في الوجه الآخر أنه كان يمنع الزيادة والنقصان في الإيمان إذا كان باللسان والقلب فيعجب منه لأن أفعال اللسان وأحوال القلوب تزيد وتنقص ضرورة وكيف استحسن جحود مثل هذا المعلوم فهل بلغ به التعصب للعقيدة وحب المنشأ وطلب الرئاسة إلى هذا وأما قوله إن الخوف والخشية وما تحصل إلا بتدبر كلام الله تعالى والتفكر فيه فإن ظاهر الآية يقتضي أن التلاوة توجب وجل قلوبهم وزيادة إيمانهم وهو يعرف وكل عارف أن كلام السلطان العظيم إذا سمع بالقلوب والآذان أذهل السامع واقتضى خوفه قبل أن يتدبره وخاصة إذا كان ظاهر لفظه وعيد أو تهديد على أن في القرآن ما لا يحتاج سامعه إلى تدبر وتفكر من الألفاظ المحكمة التي يفهم باطنها من ظاهرها وكيف أطلق عبد الجبار القول في دعواه أقول بل لو أنصف عبد الجبار لقال إنه متى شرع سامع القرآن في التفكر والتدبر الذي يشغله من لفظ التلاوة صار إلى حال ربما زال الخوف عنه في كثير من الآيات والتلاوات.