ولكن يرد على الاستدلال به وجوه :
الايراد الاول : انه مروي في سنن النسائي (١) بنحو آخر ، وهو (فإذا امرتكم بالشىء فخذوا به ما استطعتم).
فيكون مفاد الحديث لزوم الإتيان بالمأمور به عند القدرة والاستطاعة ، فحيث انه مروى بطريقين والخاصة كما تمسكوا به ونقلوه بالطريق الأول تمسكوا به ونقلوه بالطريق الثاني ، فهو مجمل لا يصح الاستدلال به. هذا على فرض تسليم تلقى الاصحاب اياه بالقبول ، وهو أيضاً محل نظر.
الايراد الثاني : انه كما ان حمل كلمة من على التبعيض ، وكون ما موصولة ، وإرادة المركب ذى الأجزاء من لفظ الشيء لا ينطبق على مورد الرواية : فإن السؤال فيه عن تكرار الحج وعدمه ، ولزوم الإتيان بالمقدار الميسور من أجزاء المركب المأمور به ، اجنبي عن ذلك.
كذلك حمل كلمة من على التبعيض ، وإرادة الطبيعي ذى أفراد من ذلك اللفظ لا ينطبق على مورد الرواية ، فإنها واردة في مقام بيان عدم وجوب الحج الا مرة واحدة ، وفي هذا المقام لا يناسب مثل هذه الجملة ، مع انها ظاهرة في اعطاء ضابطة كلية غير مختصة بباب الحج فلا يمكن حمل الرواية على هذا المعنى.
فعلى هذا تكون كلمة (من) اما زائدة ، أو بمعنى الباء. ويكون الضمير مفعولا ل فاتوا ، ولفظة (ما) زمانية ، فيكون المعنى : إذا امرتكم بشيء فاتوه عند
__________________
(١) ورد إذا أمرتكم بشيء. السنن الكبرى ج ٢ ص ٣١٩. وفي مسند أحمد" إذا أمرتكم بالشيء .. ج ٢ ص ٢٥٨. وفي بقية المصادر باختلاف في العبارة.