استحقاق العقاب على ترك الفحص والتعلم مطلقا وان لم يؤد إلى مخالفة الواقع. ومنشا الخلاف ان وجوب الفحص والتعلم هل يكون وجوبا نفسيا؟ أو طريقيا؟ أو ارشاديا؟ أو مقدميا؟
إذ على الأول : يكون الفحص كسائر الواجبات النفسية يعاقب على مخالفته. وعلى الثاني : يكون وجوب الفحص كسائر الأحكام الطريقية الموجبة لتنجز ذى الطريق ، واستحقاق العقاب على مخالفتها عند ترك الواقع. وعلى الثالث : يكون العقاب على مخالفة الواقع.
والاظهر عدم كون وجوبه نفسيا : لان الظاهر من الأدلة كون التعلم مقدمة للعمل ، كما هو صريح الخبر الوارد (١) في تفسير قوله تعالى (فلله الحجة البالغة (٢)) ، لا انه واجب نفسي. بل ظاهر ذلك الخبر كونه ارشاديا ، فإنه متضمن لإفهام العبد بما يقال له هلا تعلمت. ولو لم يكن وجوبه ارشاديا ، وكان نفسيا ، أو طريقيا كان له ان يجيب بعدم علمه بوجوب الفحص والتعلم ، كما أجاب عن الاعتراض بعدم العمل بعدم العلم بالحكم. مع انه إذا ثبت عدم كونه واجبا نفسيا لا مثبت لكونه طريقيا ، إذ عند دوران الأمر بين كون الأمر طريقيا ، أو ارشاديا لا معيّن لاحدهما.
ثم انه لا كلام في الواجبات المطلقة.
إنما الكلام في وجوب التعلم إذا كان الواجب مشروطا بشرط غير
__________________
(١) الأمالي للطوسي ص ٩ والامالي للمفيد ص ٢٢٧ و ٢٩٢.
(٢) سورة الأنعام الآية ١٤٩.