والمقام من قبيل الثاني : فإن الأثر المرغوب هو وجوب التعلم من باب وجوب دفع الضرر المحتمل ، وهذا مترتب على احتمال الابتلاء دون واقعه فلا يجري فيه الأصل.
وفيه : ان وجوب التعلم إنما ثبت من باب اطاعة المولى ، ويكون وجوبه ارشاديا كما مر آنفا.
وعليه : فإذا جرى الاستصحاب وحكم بعدم الابتلاء يترتب عليه الأثر.
وبعبارة أخرى : ان الموضوع لوجوب الفحص والتعلم هو الابتلاء.
وأورد عليه بعض الاكابر (١) بأن الاستصحاب يختص بالأمور الماضية ، فعدم الابتلاء في المستقبل لا يكون مشمولا لادلته.
وفيه : ان الميزان في جريان الاستصحاب تقدم زمان المتيقن على زمان المشكوك فيه من غير فرق بين الأمور الماضية والاستقبالية وسيجيء تحقيق القول فيه في بحث الاستصحاب.
واستدل الأستاذ (٢) للزومه باستهجان تخصيص الأدلة الدالة على وجوب التعلم بموارد العلم أو الاطمينان بالابتلاء لندرتها فيكون وجوب التعلم عند احتمال الابتلاء ثابتا بالدليل ، ومعه لا تصل النوبة إلى جريان الأصل العملي (٣).
__________________
(١) نسب المحقق النائيني هذا القول إلى صاحب الجواهر في أجود التقريرات ج ١ ص ١٥٨.
(٢) السيد الخوئي أعلى الله مقامه.
(٣) دراسات في علم الأصول ج ٣ ص ٤٨١.