وفيه : اما الأدلة الدالة على ان العالم في غير سعة من معلوماته ، فهي متضمنة لبيان حكم إرشادي إلى ما يحكم به العقل ، وليست في مقام بيان حكم مولوي ، لما مر من ان الأمر بالاطاعة والنهي عن المعصية لا يكونان مولويين.
واما حكم العقل فهو حكم تعليقي يرتفع بورود الترخيص ولا ينافيه.
واما ما ذكره من منع الإطلاق ، فيرد عليه انه لم يشك احد في التمسك بإطلاقها في موارد الشبهات البدوية ، ويتمسك بها فيها بكلا اطلاقيها.
خامسها : ما أفاده الأستاذ المحقق وحيد عصره الخوئي (١) ، وهو ان المانع عن جريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي ليس استلزامه الترخيص في الجمع ، وإلا لزم الالتزام بشمول الأدلة لجميع الأطراف ابتداءً فيما إذا كانت امورا متضادة ، مع ان المفروض خلافه.
بل المانع هو الجمع في الترخيص ، وذلك لا يرتفع بتقييد الترخيص في كل منها بعدم ارتكاب الآخر فإن المكلف إذا لم يرتكب شيئا من الأطراف كان الترخيص في جميعها فعليا لا محالة ، وهو مستلزم للعلم بترخيص ما علم حرمته بالفعل.
وبتقريب آخر : إذا علمنا حرمة احد الماءين وإباحة الآخر ، فالحرمة المعلومة غير مقيدة بترك المباح يقينا كما ان الإباحة غير مقيدة بترك الحرام قطعا ، فالحكم بإباحة كل منهما المقيدة مناف للحكم بالحرمة ، والإباحة المطلقتين ، وقد مر غير مرة ان الحكم الظاهري لا بد وان يحتمل مطابقته للواقع والإباحة المشروطة لا
__________________
(١) دراسات في علم الأصول ج ٣ ص ٣٦٠.