بخلاف هيئة المجرد ، فان تلك الحيثية ولو كانت داخلة في مفادها كما في الفعل المجرد الثلاثي ، كخدع غير ملحوظة ، فإذا فعل فعلا كان اثره خداع الغير ، صدق عليه انه خدعه لا انه خادعه ، إلا إذا تصدى لخديعته فالضرار هو التصدي للاضرار.
فان هذه الأمور ليست برهانية بل لا بد فيها من الرجوع إلى اهلها ، وقد صرح اهل الفن ، بان الأصل في باب المفاعلة ان يكون فعل الاثنين ، واستعمال تلك الهيئة في غير ذلك إنما يكون مع القرينة ، كما في الامثلة المشار إليها.
بل الوجه في ارادة المعنى الاخير في الحديث ، ان فعل الاثنين لا ينطبق على مورده للتصريح فيه بان سمرة مضار ، ولم يقع المضارة بين الانصاري ، وسمرة ، كما ان ارادة المجازاة لا تنطبق عليه ، مضافا إلى عدم تعاهدها من هذه الهيئة ، والتاكيد المحض خلاف الظاهر ، والضيق ليس معناه قطعا كما هو واضح.
فيتعين ما أفاده وهو الذي يظهر بالتتبع في موارد استعماله ، مع القرينة على عدم ارادة فعل الاثنين ، كقوله تعالى : (وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لتَعْتَدُوا) (١) فان قوله لتعتدوا شاهد كون الضرار هو التعمد للاضرار بقصد الاعتداء وقوله تعالى (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لهُ بِوَلَدِهِ) (٢) فان المراد به النهي عن اضرار الأم بالولد بترك الارضاع غيظا على ابيه وعن اضرار الاب بولده بانتزاعه من أمه طلبا للاضرار وقوله تعالى (وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا
__________________
(١) سورة البقرة الآية ٢٣١.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٣٣.