المقتضيين ، غير باب تزاحم الحكمين ، وانه لو لا حكومة احد الدليلين على الآخر لا بد من إجراء ما يقتضيه قواعد باب التعارض.
ان ما أفاده يتم بناءً على ما أفاده في وجه تقدم قاعدة نفي الضرر على ادلة الأحكام الاولية ، من التوفيق العرفي ، ولا يتم على مسلك الحكومة ، فان الوجه المتقدم لحكومة دليلها على أدلة الأحكام الاولية ، بعينه يقتضي تقديم دليلها على الأدلة المثبتة للاحكام بعناوينها الثانوية ، مثل دليل الشرط والنذر وما شاكل مما دل على ثبوت حكم في مقابل حكم العنوان الأولى ، كما لا يخفى.
فلا بد من ملاحظة نسبة دليل القاعدة مع الأدلة النافية للحكم بالعنوان الثانوي ، مثل دليل نفي الحرج ، والإكراه ونحوهما.
والعمدة هي قاعدة نفي الحرج (١).
فلو تعارض دليل قاعدة نفي الضرر ، مع دليل قاعدة نفي الحرج ، كما لو فرضنا ان عدم تصرف المالك في ماله وان لم يوجب تضرره ، إلا انه حيث يكون تصرفه لجلب منفعة وتعلق غرض عقلائي به يكون ذلك حرجا ، ـ وبعبارة أخرى ـ حجر المالك عن الانتفاع بما له حرج ، وكان تصرفه في ملكه موجبا لتضرر جاره ، ففيه وجوه واقوال.
الأول : تقديم قاعدة نفي الحرج لحكومة نفي الحرج على نفي الضرر اختاره
__________________
(١) ومستند القاعدة قوله تعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) الآية ٧٨ سورة الحج.