العرض ، أو النفس لا محالة يكون ذلك التصرف حراما محضا ولا يكون متصفا بحكمين ، الحرمة ، والاباحة ، ولا سبيل إلى دعوى ان قاعدة السلطنة تدل على الجواز فانها لا تدل على جواز التصرف في ملك الغير ، وهل التمسك بها في المقام إلا كالتمسك بها لاثبات جواز ان يذبح بمديته غنم الغير بدعوى انه مسلط على مديته يتصرف فيها ما شاء ، وذلك كما في حفر بئر قريبا من بئر الجار في الارض المعمورة ، بناءً على ان من ملك ارضا ملك قرارها إلى تخوم الارض ، وفراغها إلى عنان السماء ، كما عن جماعة ، أو ان نفس الحفر حيازة لما في تخوم الارض من المياه كما عن المحقق القمي ، فان ذلك ان اوجب قلة ماء بئر الجار ، لا يجوز قطعا.
واما ان لم يكن ما يتوجه إلى الجار ضررا ، بل كان عدم النفع كما في المثال بناءً على انكار المبنيين كما حققناه في محله ، واخترنا ان الحفر ليس حيازة للمياه الموجودة في عروق الارض ، وبينا ان من ملك ارضا وان كان يملك مقدار من الفراغ الذي يتوقف عليه تصرفاته في ارضه ، ولمقدار آخر منه بتبعية الارض بمنزلة الحريم ، ومقدارا من قرارها كذلك ولا يملك ما تجاوز عن ذينك الحدين ، فلا يكون حراما بل هو مباح محض ، وعلى التقديرين ليس إلا حكم واحد وحيث ان المختار كما مر ان قاعدة لا ضرر ، لا تشمل عدم الحكم ، ولا تكون مثبتة للحكم ، فليس في الامثلة المذكورة في كتب القوم لتعارض الضررين ، مورد يتم فيه ما افادوه ، ويتعارض قاعدة لا ضرر الجارية ، في احد الطرفين مع الجارية في الطرف الآخر.
وعليك تطبيق الضابط الذي ذكرناه على الامثلة المذكورة في الكلمات ،