وعَلِمَ مَا يَضُرُّهُمْ فَنَهَاهُمْ عَنْهُ وَحَرَّمَهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ أَبَاحَهُ لِلْمُضْطَرِّ وَأَحَلَّهُ لَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا يَقُومُ بَدَنُهُ إِلّا بِهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَنَالَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْبُلْغَةِ لَا غَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا الْمَيْتَةُ فَإِنَّهُ لَا يُدْمِنُهَا أَحَدٌ إِلّا ضَعُفَ بَدَنُهُ وَنَحَلَ جِسْمُهُ ووَهَنَتْ قُوَّتُهُ وَانْقَطَعَ نَسْلُهُ .. إلى آخر الحديث.
بتقريب ان قوله (ع) وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم ، يدل على ان علة تحريم الخمر ، والميتة والدم ولحم الخنزير إنما هي كونها مضرة ، ومقتضى عموم العلة حرمة كل ما يوجب الضرر على النفس.
وفيه : ان قوله (ع) وعلم ما يضرهم فنها عنه ، من قبيل حكمة التشريع ، لا من قبيل العلة التي يتعدى عنها ، وذلك لان السؤال إنما يكون عن وجه تحريم الله تعالى تلك الأمور ، فالسؤال إنما يكون عن حكمة التشريع ، ولا يكون سؤالا عن انطباق عنوان عام محرم عليها ، وعدمه هو واضح ، فالجواب أيضاً يكون ناظرا إلى ذلك ، ولعل ما ذكرناه ظاهر لا سترة عليه.
أضف إلى ذلك انه لو كان ذلك علة يدور الحكم مدارها ، لزم منه عدم حرمة المذكورات إذا لم يترتب على استعمالها الضرر ، كما في استعمال القليل منها ، أو جواز استعمال ما يقطع من الميتة بعدم الضرر فيها كما لو ذبح إلى غير القبلة ، ولا يلتزم بذلك فقيه.
مع ان ما ذكر في وجه حرمة الميتة رتب على ادمانها ، فلو كان ذلك علة ، لزم منه عدم حرمة أكل الميتة مع عدم الإدمان.
ومنها : ما رواه الصدوق باسناده عن الامام علي (ع) في حديث الاربعمائة ، قَالَ : قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) : (لا تَأْكُلُوا الطِّحَالَ فَإِنَّهُ بَيْتُ الدَّمِ