هذا كله في الاستصحاب الجاري في الشبهات الحكمية ، واما الجاري في الشبهات الموضوعية ، فهو قاعدة فقهية : فان المستخرج منه حكم جزئي متعلق بعمل المكلف ونفس حجية الاستصحاب ، قابل للإلقاء إلى المقلدين وتطبيقه على موارده بيد المقلد دون المجتهد ومن هنا نشأ اشكالان :
الأول : ان الموضوع للاستصحاب الجاري في الشبهة الحكمية ، هو اليقين والشك للمجتهد ، وهو الموضوع لثبوت الحكم في حق المقلدين ، وفي الشبهة الموضوعية يكون الموضوع حال المقلد نفسه فكل من له يقين سابق ، وشك لاحق يجري الاستصحاب في حقه ، فيلزم استعمال اللفظ في معنيين واثبات معنيين بجملة واحدة ـ وتصحيح ـ ذلك بان المجتهد نائب عن المقلدين ، لا يكفي لعدم الدليل على هذه النيابة.
فالحق ان يقال انه في الموردين يجري الاستصحاب بالنسبة إلى من له يقين وشك ، غاية الأمر في الشبهة الحكمية من له اليقين والشك ، هو المجتهد ، فالمجتهد يبقى الحكم المتيقن واثر بقائه له جواز إفتائه به ، وإذا انضم إلى ذلك ما دل على رجوع الجاهل إلى العالم ، يستنتج ان ما استصحبه المجتهد من الحكم ، للمقلدين اتباعه والعمل به ، ف" لا تنقض" لا يكون متوجها إلى المقلدين ، حتى يقال ان موضوعه يقين وشك غير من يكون الحكم متوجها إليه ، ففي الموردين الحكم متوجه إلى من له يقين وشك فتدبر فانه دقيق.
الثاني : ان" لا تنقض" الذي هو مجعول واحد كيف يكون ، تارة حكما فرعيا ، وأخرى حكما أصوليا ، والجواب عنه انه كسائر الأحكام والمجعولات الشرعية إنما يكون من قبيل القضية الحقيقية ويكون منحلا إلى أحكام عديدة