الضروري ، وعليه ، فما يكون موضوعا للحكم العقلي في القسم الثاني ليس هو ذات الفعل بل ذاك العنوان المنطبق عليه ، فالمحكوم بالقبح في المثال الذي ذكره الشيخ الأعظم (ره) ، هو عنوان الضار لا الصدق الضار ، وعليه فبما انه من مقدمات استدلال الشيخ (ره) ان مقتضى الملازمة ، تعلق الحكم الشرعي بنفس ما تعلق به الحكم العقلي وهو عنوان الضار فمع انتفاء ، هذا العنوان ينتفي الموضوع فلا مورد لاستصحاب الحكم ، ولا يكون نظير المثال المفروض ، إذ في المثال المأخوذ في لسان الدليل موضوعا هو الماء المتغير ، وكان الأولى تنظيره بما لو علم حرمة حفر البئر لكونه موجبا لا ضرار الجار ، وتغير هذا العنوان ، ولم يكن في الزمان اللاحق الحفر ضرريا فهل يتوهم جريان استصحاب الحرمة.
الإيراد الثاني : ما أفاده المحقق الخراساني (ره) (١) وهو انه لعدم احاطة العقل بالواقعيات ، يمكن ان يكون مع الملاك الذي استكشفه العقل ملاك آخر ، لا يكون لتلك الخصوصية دخل فيه ، وعليه فيحتمل بقاء الحكم الشرعي فيستصحب ذلك.
وفيه : ان للعقل حكمين :
أحدهما : دركه المصالح والمفاسد فانه بناءً على مذهب العدلية من تبعية الأحكام لها يستكشف العقل من وجود المصلحة غير المزاحمة بالمفسدة ، جعل الوجوب ، ومن المفسدة غير المزاحمة بالمصلحة جعل الحرمة.
ثانيهما : حكمه بالحسن والقبح العقليين الذي هو محل الخلاف بين
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٣٨٦ ـ ٣٨٧ بتصرف.