وان شئت قلت ان المصحح لاستناد النقض إلى اليقين عنده هو عدم اقتضاء اليقين للجري العملي في نفسه في ظرف الشك ، فكيف يذكر ذلك مانعا.
الوجه الثالث : ما اشار إليه المحقق الخراساني في الكفاية (١) وصرح به في التعليقة (٢) ، وحاصله : ان اليقين ، وان كان يصح اسناد النقض إليه ، إلا انه في باب الاستصحاب ، بما ان اليقين متعلق بالحدوث ، والشك متعلق بالبقاء ، واليقين بالحدوث ، لم ينتقض ، بل هو باق حقيقة ، فلا يصح النهي عن نقضه بحسب العمل ، لعدم صحته إلا فيما إذا انحل حقيقة ، واليقين بالبقاء لم يكن فرفع اليد عن البقاء ليس نقضا لليقين به ، فلا محيص عن حمل الخبر على قاعدة اليقين ، أو الاستصحاب في خصوص الشك في الرافع :
إذ اليقين في قاعدة اليقين تعلق بالحدوث والشك أيضاً تعلق به ، فاليقين قد اضمحل بالشك حقيقة فيصح النهي عن نقضه عملا.
وفي مورد الاستصحاب في الشك في الرافع بما ان متعلق اليقين من شانه الاستمرار والبقاء فاليقين المتعلق بحدوثه كأنه متعلق بالبقاء.
وبعبارة أخرى : اليقين تعلق بأصله حقيقة وببقائه اعتبارا ، وهو قد ارتفع وانحل بالشك فيه ، فيصح النهي عنه بحسب البناء والعمل ، وهذا بخلاف الشك في المقتضي حيث لا انحلال فيه لا حقيقة ولا مسامحة ، فلا يصح النهي عن نقضه عملا.
__________________
(١) كفاية الأصول ص ٣٩١ (قلت : الظاهر ان وجه الاسناد ..)
(٢) درر الفوائد للآخوند (الجديدة) ص ٣١٧ ـ ٣١٨ بتصرف.