وأورد عليه المحقق الأصفهاني (١) بان ذلك يختص بما إذا جرى الأصل في منشأ الانتزاع فانه حاكم على الأصل في الأمر الانتزاعي ، واما إذا لم يجر فيه الأصل ، فلا مانع من جريان الأصل في الأمر الانتزاعي ، كما في استصحاب عدم جزئية المشكوك فيه ، مع عدم جريان الأصل في الأمر النفسي في الأكثر لمعارضته بعدم تعلق الأمر بالأقل بما هو.
أقول : يرد على المحقق الأصفهاني ان جريان الأصل المحكوم عند ابتلاء الحاكم بالمعارض ، إنما هو فيما إذا كان هناك حكمان أحدهما مترتب على الآخر كطهارة ما غسل بالماء المشكوك الطهارة ، حيث أنها مترتبة على طهارة الماء ، وكل منهما حكم مستقل ، واما إذا فرضنا كون أحدهما من شئون الآخر وتبعاته ومنتزعا عنه ، فلا معنى لجريان الأصل فيه بعد سقوط الأصل في المنشأ كما في المقام ، فان إذا أمر المولى بعدة أمور ، كما ينتزع عنوان الحاكمية له ، والكلية للمجموع ، كذلك ينتزع الجزئية لبعضها وهذه عناوين تبعية ، لا أنها اعتبارات ، أو وجودات مستقلة فمع سقوط الأصل في المنشأ لا مورد لجريان الأصل فيها.
ويرد على المحقق الخراساني ان الجزئية وما شاكل ، التي تكون مجعولة تبعا ومنتزعة عن الجعل الشرعي لا يجري فيها الأصل لكونها من اللوازم التكوينية للحكم الشرعي نظير عنوان الحاكمية والمحكوم عليه.
المورد الثاني : في الأحكام الوضعية السابقة على الحكم التكليفي ،
__________________
(١) نهاية الدراية ج ٣ ص ١٤٧.