ولكن الحق عدم اعتبار الدخول في محل الابتلاء ، في شيء من الموارد ويظهر ذلك ببيان أمور.
الأمر الأول : ان الحكم الذي هو أمر اعتباري ، لا يعتبر في صحة جعله سوى ما يخرجه عن اللغوية ، وقد تقدم تفصيل القول في ذلك في هذا الكتاب.
الأمر الثاني : ان الغرض الأقصى من التكاليف أعم من التوصلية والتعبدية ، إنما هو تكميل النفوس البشرية ، ونيلها الكمالات بجعل التكليف داعيا إلى الفعل والترك ، ويحصل له بذلك القرب من الله تعالى ، وليست هي كالتكاليف العرفية التي ينحصر الغرض فيها بحصول متعلقاتها في الخارج فعلا أو تركا.
ومن أقوى الشواهد على ذلك الزجر عما لا يوجد الداعي إلى فعله أبدا كأكل العذرة.
الأمر الثالث : ان الداعي القربى إذا انضم إلى الداعي النفساني يتصور على وجوه :
احدها : ان يكون الداعي القربى مستقلا في الداعوية ويكون الداعي النفساني تبعيا ومندكا فيه ، لا إشكال في صحة العبادة في هذا القسم.
ثانيها : عكس ذلك. لا كلام في بطلان العبادة فيه.
ثالثها : ان يكونا معا داعيا إليه. وهذا يتصور على وجهين :
الوجه الأول : ان لا يكون كل منهما داعيا مستقلا في نفسه بل يكون جزء السبب ، الأظهر البطلان في هذه الصورة.