فيها قولان : عدم وجوب الاجتناب ، ووجوبه.
القول الاول : ما ذهب إليه اكثر المحققين (١) ، قالوا انه لا يجب الاجتناب عن الملاقِي ، في هذه الصورة ، والوجه فيه انه مشكوك الطهارة والنجاسة وليس طرفا للعلم الإجمالي فيجري فيه أصالة الطهارة بلا معارض.
القول الثاني : ما اختاره جماعة وهو الوجوب. وقد استدل له بوجهين :
أحدهما : ان نجاسة الملاقِي عين الملاقَى.
غاية الأمر انها توسعت بالملاقاة ، وثبتت لامرين بعد ما كانت ثابتة لامر واحد. فهو نظير ما لو قسم ما في احد الإنائين قسمين ، فيجب الاجتناب عن الملاقِى ، تحصيلا للقطع بالاجتناب عن النجس المعلوم بالإجمال.
ويرد عليه : ما حققناه في المقدمة الثالثة من ان نجاسة الملاقي ليست بسراية النجاسة سراية حقيقية ، بل هي حكم آخر مستقل مترتب على الملاقاة.
ثانيها : انه بالملاقاة يحدث علم اجمالي آخر بنجاسة الملاقي ، أو الطرف الآخر ومقتضاه الاجتناب عن الملاقي أيضاً.
واجيب : عن ذلك بأن العلم الإجمالي الثاني لا يكون منجزا فإن احد طرفيه لا يجري فيه الأصل لمنجز آخر ، وهو العلم الإجمالي الأول ، فيجري في هذا الطرف بلا معارض.
ولكن الحق هو التفصيل في المقام ، وهو يبتنى على بيان مقدمة ـ وهي مع
__________________
(١) نسب الأستاذ الخوئي ذلك إلى المشهور في الهداية في الأصول ج ٣ ص ٤١٧.