للمرور دون أن يسبق ذلك أن تخصهما بقيمة متساوية؟
على أنّه من غير المقبول أن نضع في مستوى واحد : اللازم ، والضّروري ، والزّائد الفضلة ؛ الأكثر إلحاحا ، والأقلّ ، الوجود ، والكمال. ومهمة عالم الأخلاق لا تنتهي بمجرد أن يضع قائمة بالواجبات ، فإنّ عليه أيضا أن يقر فيما بينها تدرجا في القيم ؛ وحتّى لو أفترضنا أنّ هذا النّظام قد وضع ، فلن يكون مطلقا نظاما نهائيا ، لأنّه في جوهره نسبي ؛ ولأنّ ما هو لازم محتم في حالة ـ قد يصبح ثانويا في حالة أخرى ، وفائضا ، زائدا في حالة ثالثة. ولذلك نجد الإنسان أمام الخطر يضحي بأثمن الطّيبات من أجل إنقاذ الحياة ، ثمّ هو يعرّض الحياة للأخطار من أجل إنقاذ الشّرف.
وإنّما تتحدد القيمة الجديرة بإختيارنا عند الأتصال بالواقع الرّاهن ؛ وليس ممكنا وضع خط دقيق للتمييز بين الواجبات المختلفة إلا «على الطّبيعة» ، وهو مع ذلك خط غير ثابت ، يخضع دائما للتعديل ، يحيث إننا لو أردنا تحديد واجب في لحظة معينة ، فإنّ الكلمة الأخيرة سوف تترك لحكم كلّ فرد ، بل ربما تترك لما يمكن أن نسميه «بحاسته السّادسة».
هكذا نجد أنفسنا وقد تجاوزنا «الكانتية» بمرحلتين ، وهذا التّجاوز نفسه ينقلنا إلى الطّرف الآخر من الطّريق.
[فردريك روه Frederic Rauh]
على الطّرف النّقيض للنظرية الكانتية الّتي تجعل السّلطة التّشريعية كلّها من شأن العقل الخالص ـ تقف نظريات أخرى تدافع عن قضية الحرية التّجريبية للذات ، ويتجلى هذا التّناقض العجيب المثير لدى [جيوGuyau] و [نيتشه