كيما تكون بحيث تعلم الشّريعة المقررة؟. إنّ هذا بداهة هو ما يريده منطق هذا البيان القرآني. فليس يكفي إذن أن يصوغ الشّارع شرائع ، ويكلف رسله بإبلاغها ، بل يجب أن يصل هذا التّعليم إلى النّاس ، وأن يكون هؤلاء النّاس على علم به.
وهكذا تحتوي الشّرعية جزءين ثانيهما موجود ضمنا في المبدأ الّذي ينشىء الأوّل.
وقد أكملت السّنة النّبويّة لحسن الحظ هذا الإيجاز في النّص ، واستخرجت منه صراحة نتائجه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رفع القلم عن ثلاثة : عن النّائم حتّى يستيقظ ، وعن المبتلي (المجنون) ، حتّى يبرأ ، وعن الصّبي حتّى يكبر (يحتلم)» (١).
وربما لزمنا هنا أن ننبه القارىء ضد تفسير خاطىء قد يقع فيه ، إذ لا ينبغي أن نستخلص من تشبيه الصّبيان بالطائفتين الأخريين ، من حيث عدم مسئوليتهما ـ أنّهم جزء مهمل ، أو يجوز إغفاله في المجتمع الإسلامي ، فللطفل المسلم نظامه
__________________
(١) انظر ، سنن أبي داود : ٤ / ١٤١ ح ٤٤٠٣ ، وصحيح البخاري : ٨ / ٢٠٤ ، وقد ذكره البخاري على هذا النّحو : (باب لا يرجم المجنون ، والمجنونة ـ وقال عليّ لعمر : (أما علمت أنّ القلم رفع عن المجنون حتّى يفيق ، وعن الصّبي حتّى يدرك ، وعن النّائم حتّى يستيقظ؟) «المعرب». وانظر ، مسند أحمد : ١ / ١١٨ ح ٩٥٦ وص : ١٤٠ ح ١١٨٣ وص : ١٥٥ ح ١٣٢٧ وص : ١٥٨ ح ١٣٦٠ ، الخلاف : ٢ / ٤١ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ٢ / ٢٧٧ ح ٣٢٨٥ ، فيض القدير : ٤ / ٣٥٧ ، كشف الخفاء : ١ / ٥٢٣ ح ١٣٩٤ ، النّاصريات : ٢٨٢ ، كتاب السّنن : ٢ / ٩٥ ح ٢٠٧٩ و ٢٠٨٠ ، المبسوط للطوسي : ١ / ٣٥٤ ، المصنف لابن أبي شيبة : ٤ / ١٩٤ ، موارد الظّمآن : ١ / ٣٥٩ ح ١٤٩٦ ، جواهر الفقه : ١٨٨ ، سنن الدّارمي : ٢ / ٢٢٥ ح ٢٢٦٩ ، مجمع الزّوائد : ٦ / ٢٥١ ، سنن البيهقي الكبرى : ٤ / ٢٦٩ ح ٨٠٩١ و : ٦ / ٨٤ ح ١١٢٣٥ ، غنية النّزوع لابن زهرة : ١١٨.