وهكذا يجب أن تتضمن أنظمتنا الإجتماعية كلّها جانبا ثابتا ، محافظا ، يصان عن هوى النّاس ، وصروف الظّروف ، وجانبا ديناميكيا ، متطورا ، متحررا. وبذلك تتحقق أحلامنا في «الإستقرار» و«التّغيير» وحاجاتنا إلى «النّظام» ، و«التّقدم».
ونضيف إلى ذلك أنّ القرآن يواكب الطّريق الّذي يبدأ من الواجب المشترك ، حتّى الواجب الكامل المنوط بمبادرة كلّ فرد ، وشجاعته ، فيطبع كلّ مرحلة من الطّريق بدرجتها من الثّواب. وهو حين يغمر بكرمه مختلف تطبيقات الفضيلة المتدرجة ـ فإنّه يدعو هؤلاء ، وأولئك من أوليائه أن يرتقوا دائما ، دائما أسمى الدّرجات.
في هذه الظّروف نستطيع أن نختم البحث قائلين :
لو افترضنا أنّ الإنسانية سوف تبقى أبدا ، وأنّها سوف تغير ظروف حياتها إلى ما لا نهاية ، فإننا نؤمل أن تجد في القرآن أنّى توجّهت ـ قاعدة لتنظيم نشاطها أخلاقيا ، ووسيلة لدفع جهدها ، ورحمة للضعفاء ، ومثلا أعلى للأقوياء.
وأدنى ما يمكن أن نقوله في الأخلاق القرآنية : إنّها تكفي نفسها بنفسها ـ على وجه الإطلاق ، فهي : «أخلاق متكاملة».