عناء وفناء ، وعبر وغير (١) ، فمن فنائها : أن الدهر موتر قوسه ، مفوّق (٢) نبله ، يصيب الحيّ بالموت ، والصحيح بالسقم ، ومن عنائها : أن المرء يجمع ما لا يأكل ، ويبني ما لا يسكن ، ومن عبرها : أنك ترى المغبوط مرحوما ، والمرحوم مغبوطا ، ليس بينهما إلا نعيم زال ، أو بؤس نزل ، ومن غيرها : أن المرء يشرف عليه أمله ، فيختطفه دونه أجله».
قال : وقال علي عليهالسلام : «أربع للمرء ، لا عليه : الإيمان ، والشكر ، فإن الله تعالى يقول : (ما يَفْعَلُ اللهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ)(٣) ، والاستغفار ، فإنه قال : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(٤) ، والدعاء ، فإنّه قال : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً)(٥).
وقال أبو جعفر عليهالسلام : (قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) ، يقول : «ما يفعل ربّي بكم (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً)(٦).
وقال الطبرسي : روى العياشي بإسناده عن بريد بن معاوية العجليّ ، قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : كثرة القراءة أفضل ، أم كثرة الدعاء؟ قال : «كثرة الدعاء أفضل» وقرأ هذه الآية (٧).
__________________
(١) الغير : من تغير الحال. «لسان العرب ـ غير ـ ج ٥ ، ص ٤٠».
(٢) أفقت السهم : وضعته في الوتر لأرمي به. «لسان العرب ـ فوق ـ ج ١٠ ، ص ٣٢٠».
(٣) النساء : ١٤٧.
(٤) الأنفال : ٣٣.
(٥) الأمالي : ج ٢ ، ص ١٠٧.
(٦) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١١٧.
(٧) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢٨٥.