فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٧١) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٧٢) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (١٧٥) [سورة الشعراء : ١٦٠ ـ ١٧٥]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسيّ (رحمهالله تعالى) : ثم أخبر سبحانه عن قوم لوط ، فقال : (كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ) وقد فسرناه إلى قوله : (أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ) أي : تصيبون الذكور من جملة الخلائق. (وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ) أي : وتتركون ما خلقه الله لكم من الأزواج والنساء. والزوجة : هي التي وقع عليها العقد بالنكاح الصحيح ، يقال لها : زوجة وزوج. قال سبحانه : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ). (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ) أي : ظالمون معتدون الحلال إلى الحرام ، والطاعة إلى المعصية. (قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ) وترجع عما تقوله ، ولم تمتنع عن دعوتنا ، وتقبيح أفعالنا (لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ) عن بلدنا. (قالَ) لوط لهم عند ذلك : (إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ) أي : من المبغضين الكارهين.
ثم دعا ربه فقال : (رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ) أي : من عاقبة ما يعملونه ، وهو العذاب النازل بهم. وأجاب الله سبحانه دعائه قال : (فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ) يعني من العذاب الذي وقع بهم. ويجوز أن يكون أراد : نجيناه وأهله من نفس عملهم ، وتكون النجاة من العذاب النازل بهم تبعا لذلك. والأول أوضح ويدل عليه قوله (إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) وأراد بالعجوز امرأته ، لأنها كانت تدل أهل الفساد على أضيافه ، فكانت من الباقين في العذاب ، وهلكت فيما بعده مع من خرج من القرية ، بما أمطره الله من الحجارة (ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ) أهلكناهم بالخسف. وقيل : بالائتفاك ، وهو الانقلاب. ثم أمطر على من كان غائبا منهم عن القرية ، الحجارة من السماء ، وهو قوله : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) أي : بئس واشتد مطر