تأتي به الرسل ، ويدعون إليه واحد ، من اتقاء الله تعالى ، واجتناب معاصيه ، والإخلاص في عبادته ، وطاعة رسله. وإن أنبياء الله تعالى لا يكونون إلا أمناء الله في عباده ، فإنه لا يجوز على واحد منهم أن يأخذ الأجرة على رسالته ، لما في ذلك من التنفير عن قبولهم.
ثم قال : (أَوْفُوا الْكَيْلَ) أي : أعطوا الكيل وافيا غير ناقص ، ويدخل الوفاء في الكيل والوزن والذرع والعدد ، (وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ) أي : من الناقصين للكيل والوزن. (وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) أي : بالعدل الذي لا حيف فيه ، يعني زنوا وزنا يجمع الإيفاء والاستيفاء (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) أي : ولا تنقصوا الناس حقوقهم ، ولا تمنعوها (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) أي : ولا تسعوا في الأرض بالفساد. والعثي : أشد الفساد والخراب ...
(وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ) أي أوجدكم بعد العدم (وَالْجِبِلَّةَ) أي : الخليقة (الْأَوَّلِينَ) يعني : وخلق الأمم المتقدمين.
(قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) مر معناه (وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ) أي : وإنا نظنك كاذبا من جملة الكاذبين. وإن هذه مخففة من الثقيلة ، ولذلك لزمها اللام في الخبر. (فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ) أي : قطعا من السماء جمع كسفة ... (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) في دعواك (قالَ) شعيب (رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ) ومعناه : إنه إن كان في معلومه أنه إن بقاكم تبتم ، أو تاب بعضكم ، لم يقتطعكم بالعذاب. وإن كان في معلومه أنه لا يفلح واحد منكم ، فسيأتيكم عذاب الاستئصال.
ثم قال : (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) أصابهم حر شديد سبعة أيام ، وحبس عنهم الريح ، ثم غشيتهم سحابة. فلما خرجوا إليها طلبا للبرد من شدة الحر الذي أصابهم ، أمطرت عليهم نارا فأحرقتهم ، فكان من أعظم