وقال الشيخ الطوسي (رحمهالله تعالى) : وقوله (تِلْكَ) إشارة إلى ما وعدوا بمجيئه من القرآن. وقيل إن (تِلْكَ) بمعنى «هذا» وآيات القرآن هي القرآن ، وإنما أضافها إليه ، كما قال (إِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ). والقرآن والكتاب معناهما واحد ، ووصفه بالوصفين ليفيد أنه مما يظهر بالقراءة ، ويظهر بالكتابة ، وهو بمنزلة الناطق بما فيه من الأمرين جميعا وذلك يبطل قول من قال : إن كلام الله شيء واحد لا يتصرف بالقراءة والكتابة. ووصفه بأنه مبين تشبيه له بالناطق بكذا ، وإذا وصفه بأنه بيان جرى مجرى وصفه له بالنطق بكذا في ظهور المعنى به للنفس. والبيان هو الدلالة التي تبين بها الأشياء. والمبين المظهر ، وحكم القرآن الموعظة بما فيها من الترغيب والترهيب والحجة الداعية إلى الحق الصارفة عن الباطل ، وأحكام الشريعة التي فيها مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال ، والمصلحة فيما يجب من حق النعمة لله تعالى ما يؤدي إلى الثواب ويؤمن من العقاب. ثم وصفه بأنه (هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) وموضع (هُدىً) نصب على الحال ، وتقديره هاديا ومبشرا ، ويجوز أن يكون رفعا على تقدير هو (هُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) والمعنى أن ما فيه من البيان والبرهان يهديهم إلى الحق ، ومالهم في وجه كونه معجزا الذي فيه من اللطف ما يؤديهم إلى الثواب ويبشرهم بالجنة.
ثم وصف المؤمنين الذين بشرهم القرآن بأنهم (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) بحدودها ويداومون على أوقاتها ويخرجون ما يجب عليهم من الزكاة في أموالهم إلى مستحقيها ، وهم مع ذلك يوقنون بالآخرة ، ويصدقون بها. ثم وصف تعالى من خالف ذلك ولم يصف بالآخرة ، ويصدقون بها. ثم وصف تعالى من خالف ذلك ولم يصدق بالآخرة ، فقال : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ) قيل في معناه قولان :
١ ـ زينا لهم أعمالهم التي أمرناهم بها ، فهم يتحيرون بالذهاب عنها.