فضل آل محمد على جميع آل النبيّين كفضل محمد على جميع المرسلين؟
قال موسى : يا ربّ ، فإن كان آل محمد عندك كذلك ، فهل في أصحاب الأنبياء أكرم عندك من أصحابي؟ قال الله عزوجل : يا موسى ، أما علمت أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمد على جميع آل النبيّين ، وفضل محمد على جميع المرسلين؟
قال موسى : يا رب ، فإن كان محمد وآله عليهمالسلام ، وأصحابه كما وصفت ، فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمّتي ، ظلّلت عليهم الغمام ، وأنزلت عليهم المنّ والسّلوى ، وفلقت لهم البحر؟ فقال الله تعالى : يا موسى ، أما علمت أن فضل أمّة محمد على جميع الأمم كفضله على جميع خلقي؟
قال موسى : يا ربّ ، ليتني كنت أراهم. فأوحى الله عزوجل إليه : يا موسى ، إنك لن تراهم ، فليس هذا أوان ظهورهم ، ولكن سوف تراهم في الجنّة ، جنّات عدن والفردوس ، بحضرة محمد في نعيمها يتقلّبون ، وفي خيراتها يتبحبحون (١) ، أفتحبّ أن تسمع كلامهم؟ قال : نعم ، يا ربّ ، قال : قم بين يدي ، واشدد مئزرك ، قيام العبد الذليل بين يدي السيد الجليل. ففعل ذلك ، فنادى ربنا عزوجل : يا أمّة محمد. فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم : لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبّيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبّيك ـ قال ـ فجعل تلك الإجابة منهم شعار الحجّ.
ثم نادى ربّنا عزوجل : يا أمة محمد ، إن قضائي عليكم : أن رحمتي سبقت غضبي ، وعفوي قبل عقابي ، فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني وأعطيتكم من قبل أن تسألوني ، من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله وحده
__________________
(١) التبحبح : التمكّن في الحلول والمقام. «الصحاح ـ بحح ـ ج ١ ، ص ٣٥٤».