بأن يقولوا : هلا أرسلت إلينا رسولا يدعونا إلى ما يجب الإيمان به ، فنتبع الرسول ، ونأخذ بشريعته ، ونصدق به ، لما أرسلنا الرسل ، ولكنا أرسلنا رسلا لقطع حجتهم ، وهو في معنى قوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ). وقيل : إن جواب (لَوْ لا) ههنا : «لعجلنا لهم العقوبة». وقيل : المراد بالمصيبة ههنا : عذاب الاستئصال. وقيل : عذاب الدنيا والآخرة.
(فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا) أي : محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم والقرآن والإسلام (قالُوا لَوْ لا أُوتِيَ) أي : هلا أعطي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (مِثْلَ ما أُوتِيَ مُوسى) من فلق البحر ، واليد البيضاء ، والعصا. وقيل : معناه هلا أوتي كتابا جملة واحدة. وإنما قاله اليهود ، أو قريش ، بتعليم اليهود ، فاحتج الله عليهم بقوله : (أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِما أُوتِيَ مُوسى مِنْ قَبْلُ) أي : وقد كفروا بآيات موسى كما كفروا بآيات محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم و (قالُوا سِحْرانِ تَظاهَرا) يعنون التوراة والقرآن ... ومن قرأ ساحران تظاهران فمعناه : أنهم قالوا تظاهر موسى ومحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ـ أقول : وقال علي بن إبراهيم : موسى وهارون (١) ـ.
(وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ) من التوراة والقرآن. قال الكلبي : وكانت مقالتهم هذه حين بعثوا الرهط منهم إلى رؤوس اليهود بالمدينة في عيد لهم ، فسألوهم عن محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبروهم بنعته ، وصفته في كتابهم التوراة. فرجع الرهط إلى قريش ، فأخبروهم بقول اليهود ، فقالوا عند ذلك : سحران تظاهرا. (قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) معناه : قل يا محمد لكفار قومك : فأتوا بكتاب هو أهدى من التوراة والقرآن ، حتى أتبعه إن صدقتم أن التوراة والقرآن سحران ، وقيل : معناه فأتوا بكتاب من عند الله ، يؤمن معه التكذيب أي : لم يكذب به طائفة من الناس.
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٤١.