صار إليها ...
والآخر : إن المعنى ولا من في السماء بمعجزين ، فحذف من الدلالة الكلام عليه ، كما قال حسان :
أمن يهجو رسول الله منكم |
|
ويمدحه ، وينصره ، سواء |
فكأنه قال : ومن يمدحه وينصره سواء أم لا يتساوون. وهذا ضعيف عند البصريين.
(وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) ينصركم ، ويدفع عذاب الله عنكم. فلا تغتروا بأن الأصنام تشفع لكم. وقيل : إن الولي الذي يتولى المعونة بنفسه ، والنصير يتولى النصرة تارة بنفسه ، وتارة بأن يأمر غيره به. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) أي : جحدوا بالقرآن وبأدلة الله (وَلِقائِهِ) أي : وجحدوا بالبعث بعد الموت (أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) أخبر أنه سبحانه أيسهم من رحمته وجنته ، أو يكون معناه يجب أن ييأسوا من رحمتي. (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي : مؤلم. وفي هذا دلالة على أن المؤمن بالله واليوم الآخر ، لا ييأس من رحمة الله.
ثم عاد سبحانه إلى قصة إبراهيم فقال : (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) يعني حين دعاهم إلى الله تعالى ، ونهاهم عن عبادة الأصنام (إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ) وفي هذا تسفيه لهم إذ قالوا حين انقطعت حجتهم لا تحاجوه ، ولكن اقتلوه أو حرقوه ليتخلصوا منه. (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ) وها هنا حذف تقديره : ثم اتفقوا على إحراقه ، فأججوا نارا فألقوه فيها ، فأنجاه الله منها. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) أي : علامات واضحات ، وحجج بينات (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) بصحة ما أخبرناه به ، وبتوحيد الله ، وكمال قدرته (١).
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ١٨ ـ ١٩.