لهم : اجعلوا السّنّة بينكم إذا وجدتم غريبا في بلدكم سلبتموه ونكحتموه في دبره ، حتى أنكم إذا فعلتم ذلك لم يتطرّقوا عليكم».
قال : «فعزموا على ذلك ، فخرجوا إلى ظاهر البلد يطلبون من يفجرون به ، فتصوّر لهم إبليس اللعين غلاما أمرد ، فتزيّن ، فحملوا عليه ، فلمّا رأوه سلبوه ونكحوه في دبره ، فطاب لهم ذلك ، حتى صار هذا عادة لهم في كلّ غريب وجدوه ، حتى تعدّوا من الغرباء إلى أهل البلد ، وفشا ذلك فيهم ، وظهر ذلك من غير انتقام بينهم ، فمنهم من يؤتى ، ومنهم من يأتي.
وأوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليهالسلام : أنّي اخترت لوطا نبيّا ، فابعثه إلى هؤلاء القوم. فأقبل إبراهيم إلى لوط فأخبره بذلك ، ثمّ قال له : انطلق إلى مدائن سدوم (١) ، وادعهم إلى عبادة الله ، وحذّرهم أمر الله وعذابه ، وذكّرهم بما نزل بقوم نمرود بن كنعان. فسار لوط حتى صار إلى المدائن ، فوقف وهو لا يدري بأيّها يبدأ ، فأقبل حتى دخل مدينة سدوم ، وهي أكبرها ، وفيها ملكهم ، فلمّا بلغ وسط السّوق ، قال : يا قوم اتّقوا الله وأطيعوني ، وازجروا أنفسكم عن هذه الفواحش التي لم تسبقوا إلى مثلها ، وانتهوا عن عبادة الأصنام ، فإني رسول الله إليكم. فذلك معنى قوله تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ)(٢) ، يعني عن إتيان الرجال ، وقال في مكان آخر : (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) ، يعني الحذف بالحصى ، والتصفيق واللعب بالحمام ،
__________________
(١) سدوم : قرى بين الحجاز والشام. «آثار البلاد وأخبار العباد : ص ٢٠٢».
(٢) الأعراف : ٨٠ ـ ٨٢.