النيران ، حتى إذا برز عمود الصّبح ، صاح جبرئيل الأمين بأعلى صوته : يا بئس صباح قوم كافرين. وصاح ميكائيل من الجانب الثاني : يا بئس صباح قوم فاسقين. وصاح إسرافيل من الجانب الثالث : يا بئس صباح قوم مجرمين. وصاح دردائيل : يا بئس صباح قوم ضالّين. وصاح عزرائيل بأعلى صوته : يا بئس صباح قوم غافلين».
قال : «فقلع جبرئيل الأمين ـ طاوس الملائكة المطوّق بالنور ، ذو القوّة ـ تلك المدائن السّبع عن آخرها ، من تحت تخوم الأرض السابعة السفلى بجناح الغضب ، حتى بلغ الماء الأسود ، ثم رفعها بجبالها ، ووديانها ، وأشجارها ، ودورها ، وغرفها ، وأنهارها ، ومزارعها ، ومراعيها ، حتى انتهى بها إلى البحر الأخضر الذي في الهواء ، حتى سمع أهل السماء صياح صبيانهم ، ونبيح كلابهم ، وصقيع (١) الديكة ، فقالوا : من هؤلاء المغضوب عليهم؟ فقيل : هؤلاء قوم لوط عليهالسلام. ولم تزل كذلك على جناح جبرئيل ، وهي ترتعد كأنّها سعفة في ريح عاصف ، تنتظر متى يؤمر بهم ، فنودي : در القرى بعضها على بعض. فقلبها جبرئيل الأمين ، وجعل عاليها سافلها ، فذلك معنى قوله تعالى : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى فَغَشَّاها ما غَشَّى)(٢) ، يعني من رمي الملائكة لهم بالحجارة من فوقهم.
قال الله تعالى : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا)(٣) يعني عذابنا (جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ)(٤) يعني متتابع بعضه على بعض ، وكل حجر عليه اسم صاحبه ـ قال ـ فاستيقظ القوم وإذا هم بالأرض تهوي
__________________
(١) صقيع الدّيك : صوته. «لسان العرب ـ صقع ـ ج ٨ ، ص ٢٠٣».
(٢) النجم : ٥٣ و ٥٤.
(٣) هود : ٨٢.
(٤) هود : ٨٢.