ما كان رآه ليتأمل ما فيه ... ثم أخبر تعالى أن (لَهُ) ملك (ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) لا ملك لأحد فيه. ومعناه إن له التصرف في جميع ذلك لا اعتراض عليه. وأخبر (إِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) فالغني هو الحي الذي ليس بمحتاج ، فهو تعالى المختص بأنه لو بطل كل شيء سواه لم تبطل نفسه القادرة العالمة. الذي لا يجوز عليه الحاجة بوجه من الوجوه ، وكل شيء سواه يحتاج إليه ، لأنه لو لاه لبطل ، لأنه لا يخلو من مقدوره أو مقدور مقدوره. و (الْحَمِيدُ) معناه الذي يستحق الحمد على أفعاله ، وهو بمعنى أنه محمود.
ثم قال (أَلَمْ تَرَ) يا محمد والمراد جميع المكلفين (أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) من الجماد والحيوان أي قد ذلله لكم ، تتصرفون فيه كيف شئتم ، وينقاد لكم ، على ما تؤثرونه. وإن الفلك تجري في البحر بأمر الله أي بفعل الله ، لأنها تسير بالريح ، وهو تعالى المجري لها و (يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ) أي يمنعها من الوقوع على الأرض ، ولا يقدر على إمساكها أحد سواه مع عظمها وثقلها (إِلَّا بِإِذْنِهِ) أي لا تقع السماء على الأرض إلا إذا أذن الله في ذلك بأن يريد إبطالها وإعدامها.
ومعنى (أَنْ تَقَعَ) ألا تقع. وقيل معناه كراهية أن تقع ، ثم أخبر أنه تعالى (بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) أي متعطف منعم عليهم.
لما ذكر الله تعالى أنه الذي سخر للخلق ما في الأرض من الحيوان وذللها لهم وأجري الفلك في البحر ، كنا عنه بأن قال (وَهُوَ الَّذِي أَحْياكُمْ) أيضا بعد أن لم تكونوا كذلك ، يقال أحياه الله ، فهو محي له (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) بعد هذا الإحياء (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) يوم القيامة للحساب إما إلى الجنة وإما إلى النار ، ثم أخبر عن الإنسان بأنه (لَكَفُورٌ) أي جحود لنعم الله بما فعل به من أنواع النعم ، وجحوده ما ظهر من الآيات الدالة على الحق في كونه قادرا على