أمما وأهل أعصار آخرين (ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَها وَما يَسْتَأْخِرُونَ) هذا وعيد للمشركين معناه : ما تموت أمة قبل أجلها المضروب لها ، ولا تتأخر عنه. وقيل : عنى بالعذاب الموعود لهم على التكذيب أنه لا يتقدم على الوقت المضروب لهم لذلك ، ولا يتأخر عنه. والأجل هو الوقت المضروب لحدوث أمر من الأمور. والأجل المحتوم لا يتأخر ، ولا يتقدم. والأجل المشروط بحسب الشرط. والمراد بالأجل المذكور في الآية : الأجل المحتوم. (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) أي : متواترة يتبع بعضهم بعضا ... وقيل : متقاربة الأوقات. وأصله الاتصال لاتصاله بمكانه من القوس ، ومنه الوتر وهو الفرد عن الجمع المتصل. قال الأصمعي : يقال : واترت الخبر : أتبعت بعضه بعضا ، وبين الخبرين هنيهة.
ـ أقول قال أبو جعفر عليهالسلام في قوله تعالى (ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا) يقول بعضهم في إثر بعض» (١).
(كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ) ولم يقروا بنبوته (فَأَتْبَعْنا بَعْضَهُمْ بَعْضاً) يعني في الإهلاك أي : أهلكنا بعضهم في أثر بعض (وَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ) أي : يتحدث بهم على طريق المثل في الشر ، وهو جمع أحدوثة ، ولا يقال هذا في الخير. والمعنى : إنا صيرناهم بحيث لم يبق بين الناس منهم إلّا حديثهم (فَبُعْداً لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) ظاهر المعنى.
(ثُمَّ أَرْسَلْنا مُوسى وَأَخاهُ هارُونَ بِآياتِنا) أي : بدلائلنا الواضحة (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي : وبرهان ظاهر بين (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) خص الملأ وهم الأشراف بالذكر ، لأن الآخرين كانوا أتباعا لهم (فَاسْتَكْبَرُوا) أي : تجبروا وتعظموا عن قبول الحق (وَكانُوا قَوْماً عالِينَ) أي : متكبرين قاهرين ،
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٩١.