وأما ثانيا : فلأن الشيء ينطبق قهرا على الحصص المختلفة التي تكون مع الذاتي ذاتيا ومع غيره عرضيا ، فيرجع الإشكال إلى الشق الثاني ، ويأتي الجواب عنه.
ويمكن اختيار الشق الأخير أيضا ولا يلزم المحذور ، لأن الذات أخذ في طرف المحمول مرآة لتعرف الموضوع ، وبمنزلة الرابط ، لا أن يكون مستقلا حتى يكون هو المحمول ويلزم المحذور ، فكأنه قيل في (زيد كاتب) مثلا ، زيد يظهر بهذا الوصف ، أو هذه الصفة من مظاهر زيد ، ولا محذور فيه ، ولو لوحظ مستقلا أيضا على ما فصّل ، فكما أنه لو قام شخص مقابل المرآة لا تحصل فيها إلّا صورة واحدة ، فكذلك تكون مرآة النفس ، فالتبادرات المحاورية لا تكون إلّا صورة واحدة ، مع أن القضايا المعمولة في العلوم ليست مبنيّة على هذه الدقائق ، بل منزّلة على المتعارف بين أهل المحاورة ، فربّ شيء لا يصح بالدقة العقلية مع أنه يصح في المحاورات ، وربّ شيء يكون بالعكس ، فلا وجه للاستدلال.
وقد ذكرنا أنه لا ثمرة في بساطة المشتق وتركبه ، بل لا ثمرة عملية في أصل بحث المشتق ، لأن الموارد التي ادعي استعماله فيها في الأعم تكون هناك قرائن معتبرة دالة على ترتب الحكم على الأعم.
ثم إنه قد استدل على التركيب ..
تارة : بأن العرض متقوّم بالموضوع ، فيحصل التركب لا محالة.
وفيه : إن التقوّم إنما هو في الوجود الخارجي لا في المفهوم ، والكلام في الثاني دون الأول.
واخرى : بأن المشتق متضمن للنسبة ، وهي لا بد أن تكون بين اثنين منتسبين ، فيتحقق التركب لا محالة.
وفيه : أنه كذلك في تحليل العقل ، والكلام في المفهوم في المحاورات العرفية.