الأمر الثاني
في صيغة الأمر
والكلام فيها يقع من جهات :
الجهة الاولى : قد ذكر لصيغة الأمر معان كثيرة : من التهديد ، والترجي ، والإهانة ونحوها ، ومقتضى الأصل عدم تعدد الوضع بالنسبة إليها ، كما أن مقتضاه عدم تعدد المستعمل فيه أيضا ، والمتيقن إنما هو الاستعمال في البعث نحو المطلوب والتحريك إليه وإيجاد الداعي له.
وكون ما ذكر لها من المعاني من دواعي الاستعمال ، كما هو الشأن في كثير مما ذكر من المعاني المتعددة لجملة من الألفاظ ، فلا اختلاف في الموضوع له ولا في المستعمل فيه ، وإنما الاختلاف في الدواعي ، ولا ريب في أنها خارجة عن كل منهما. ولا إشكال في أن أصل استعمالها في البعث والتحريك التنزيلي ، مسلّم عند الكل ، ومقتضى الإطلاق أن يكون الداعي إليه هو البعث الحقيقي ، إلّا أن تكون قرينة على الخلاف. ومنه يعلم أن التمني ، والترجي ، والاستفهام ، الواردة في كلامه تعالى مستعملة في معانيها الإنشائية بدواع شتى ، منها التكلم مع الناس بما يليق بهم في كيفية المحاورة بينهم ، والمستحيل إنما هو استعمالها في معانيها الحقيقية بالنسبة إليه تعالى. وأما الاستعمال في المعاني الإنشائية