الأمر الثامن :
الحقيقة عبارة عن كون اللفظ مرآة لذات المعنى بلا واسطة ، والمجاز عبارة عن كونه مرآة لما يناسبه بقرينة حالية أو مقالية. وللحقيقة علامات انطباقية قهرية ، لا أن تكون جعلية :
الاولى : تبادر المعنى ، سواء كان للانس الذهني في الجملة ـ ولو كان جاهلا بالوضع تفصيلا ـ أو عند العالمين بالوضع تفصيلا ، فإنه علامة للوضع عند الجاهل به.
واشكل على الأول : بأن التبادر يتوقف على العلم بالوضع ، وإلا لا يتبادر شيء قطعا ، فإذا كان العلم بالوضع متوقفا عليه ، لدار.
وفيه : أن التبادر متوقف على أن اللفظ ليس بمهمل ، بل له معنى إجمالا مرددا بين شيئين أو أشياء ، والعلم بالوضع متوقف على تبادر معنى خاص عن اللفظ تفصيلا ، فتختلف جهة التوقف ، فلا دور. هذا إذا علم الاستناد إلى ذات اللفظ ، وأما لو شك فيه فبأصالة عدم القرينة لا تثبت الحقيقة ، لأنها من الاصول العقلائية التي تجري في استفادة المراد فقط ، لا في تشخيص أنه حقيقة أو مجاز.
الثانية : عدم صحة السلب ، فإنه كصحة الحمل علامة للحقيقة. والدور المزبور آت هنا أيضا مع جوابه.
الثالثة : الاطّراد ، أي كلما اطلق لفظ باعتبار معنى خاص على مورد ، صح إطلاقه في كل مورد تحقق ذلك المعنى بعينه ، كإطلاق الرجل على زيد باعتبار الرجولية ، فإنه يصح إطلاقه باعتبار هذا المعنى في كل مورد تحققت فيه الرجولية.
ولكن ، لما كان الاطراد متحققا في المجاز باعتبار القرينة الخاصة ويطّرد