شمول مورد البحث لهذا القول لا بد من الاختصاص. وذلك لأن القول الذي ثبت فساده بالدليل لا وجه لتغيير عنوان البحث لأجله.
وهذا البحث مغاير مع بحث اجتماع الأمر والنهي عنوانا وعرفا ودقة ، لأن البحث في المقام في أن النهي بعد تعلّقه بالعبادة يوجب فسادها ؛ وفي مسألة الاجتماع في أن النهي هل يتعلق بالعبادة مع تعدد الجهة أو لا؟ فالفرق بين البحثين ظاهر ، وتقدم في أول مسألة الاجتماع. فراجع.
ولا بد من التنبيه على امور :
الأول : إطلاق النهي يشمل كل ما يسمى نهيا نفسيا كان ـ كالسجود للصنم ـ أو غيريا ، كقوله عليهالسلام : «لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه» ، أصليا كان ـ كما في المثالين المتقدمين ـ أو تبعيا ، كما في مورد ترك الأهم والإتيان بالعبادة في ظرف الترك ، بل وكذا النواهي التنزيهية أيضا إن فرض تعلّقها بذات العبادة ، ولكنه فرض غير واقع ، لأن النواهي التنزيهية متعلّقة بالجهات الخارجة عن ذات العبادة ، لتقوم العبادة بالرجحان الذاتي ، عرفا وشرعا وعقلا.
ولكن اتفاق الفقهاء على صحة العبادات والمعاملات المكروهة ، وسيرة المتشرعة عليها ، يخرج النواهي التنزيهية عن مورد البحث مطلقا ، فيختص مورده بخصوص النهي التحريمي.
ثم إن دخول النهي التبعي مبني على كونه موجبا لسقوط العبادية خطابا وملاكا ، وإلا فمع بقاء الملاك يمكن تصحيح العبادة به بناء على الترتب ، كما مر.
الثاني : المراد بالعبادة ما هو المرتكز في الأذهان ـ المعبّر عنها في الفارسية ب (پرستش) ـ أي الوظائف التي يتقرب بها إلى الله تعالى ، سواء كان ذلك من لوازمها الذاتية ، كالسجود ، وقراءة القرآن ، والدعاء ونحوها مما يكون قصد الخلاف مانعا عن صحتها ، لا أن يكون قصد القربة معتبرا فيها ، أو متقومة بقصد القربة ، كالصلاة والصوم والحج ونحوها ، ويطلق على هذين القسمين