الأمر الثالث عشر :
اللفظ والمعنى إما متحدان ، ويعبّر عنه بمتحد المعنى ، أو متعددان ، ويعبّر عنه بالمتباين. أو يكون المعنى واحدا عرفا ـ وإن تعدد بحسب الحيثيات والدقيات العقلية ـ واللفظ متعددا ، ويعبّر عنه بالمترادف ، أو يكون بالعكس ، ويعبّر عنه بالمشترك.
ولا ريب في وقوع الجميع في المحاورات الصحيحة ، إلا أنه قد وقع الكلام في الأخير من جهات :
منها : كونه خلاف الفصاحة والبلاغة ، لأنه إن اتكل في فهم المراد على القرينة فهو من التطويل بلا طائل ، وإلا فهو من الإجمال.
وفيه : أن كلّا من التطويل والإجمال قد يكون موردا لأغراض صحيحة ، فتصير بها من أهم موارد الفصاحة والبلاغة.
ومنها : أنه لا بد من وقوعه لتناهي الألفاظ ، لكونها مركبة من الحروف المتناهية ، والمركب من المتناهي متناه ، وعدم تناهي المعاني فلا بد من وقوعه.
وفيه : أن المعاني متناهية أيضا في كل دورة من الأدوار ، ومورد الاحتياج متناهية قطعا ، بلا احتياج إلى معان اخرى حتى نحتاج إلى الاشتراك.
نعم ، لا ريب في وقوع الاشتراك خارجا ، خصوصا في الأعلام الشخصية ، وهو أعم من وجوب وقوعه.
ومنها : أن استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد إن كان على نحو تعدد الدال والمدلول ، فلا إشكال فيه ، فيكون نظير الكنايات التي يستفاد من مدلولها المطابقي شيء ، ومن مدلولها الالتزامي شيء آخر.
وأما إذا كان مستقلا وبالدلالة المطابقية في كل واحد من المعاني بحيث كأنه لم يكن للفظ معنى غيره ، فاستدل على بطلانه بوجوه :