الثالث : اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده
تمهيد
هذه المسألة أيضا من المسائل الاصولية العقلية غير المستقلة بناء على الملازمة ، أو المقدمية. وأما بناء على أن الأمر بالشيء عين النهي عن ضده ، أو أن النهي عن الضد جزء مدلوله ، أو من لوازمه العرفية المتوقفة على الاستظهار من الأدلة ، فتكون من مباحث الألفاظ.
وحيث أن الأولين باطلان ، والأخير يرجع بالآخرة إلى الملازمات العقلية ، بل من بعض مراتبها ، جعلناها من العقليات غير المستقلة.
ثم إن المراد بالاقتضاء في كلماتهم أعم من العينية والجزئية واللزوم مطلقا ، إذ قال بكل قائل ، فلا بد أن يكون مورد النزاع مجمع الأقوال.
كما أن المراد بالضد مطلق المعاند والمنافي ، أي الضد العرفي لا خصوص الضد الاصطلاحي الحكمي ، فيشمل الترك الذي يعبّر عنه بالنقيض.
والضد الخاص ، كالضدين اللذين لا ثالث لهما ، والقدر المشترك بين الأضداد الوجودية الذي اصطلحوا عليه بالضد العام.
الأقوال في المسألة
١ ـ الترك :
فقد قيل فيه ـ الذي يعبّر عنه بالنقيض ـ بأن الأمر بالشيء عين النهي عنه بالمطابقة. ولكنه مردود بانتفاء العينية ـ لا المفهومية ولا الخارجية ـ وجدانا فيكون من مجرد الدعوى بلا دليل.
وقيل : بأنه جزء مفهومه فيدل عليه بالدلالة التضمنية ، وفيه ما سبق تحقيقه