القسم الثاني
النواهي
ويبحث فيه عن أمرين :
الأمر الأول : لا ريب في تحقق الكراهة النفسانية عند النهي عن الشيء ، كتحقق الرغبة إليه عند الأمر به ، ولكن هل أن المبرز للكراهة النفسانية طلب الترك ، أو طلب كفّ المكلف نفسه عن الشيء ، أو ردع المكلف وزجره وإيقافه ، كما أن الأمر هو تحريضه وحمله عليه؟
والحق هو الأخير ، لأن الزجر عن المكروه إما خارجي ، أو اعتباري ، والأول إما حبس أو ضرب أو نحو ذلك ، ويعبّر عن الثاني بالنهي في متعارف الناس ، والأدلة الشرعية منزلة عليه بلا التباس ، ويمكن إرجاع الأولين إليه أيضا ، لأن من اللوازم العرفية للردع والإيقاف الاعتباري ، طلب الترك وطلب كف النفس.
وما يتوهم : من أن الطلب وجودي والترك عدمي ، فلا يصح تعلّقه به.
مردود : بأن الترك ليس من العدم المطلق ، بل هو من المضاف الذي يصح تعلق الطلب به ، بل هو عبارة اخرى عن الكف عرفا ، وإن كان بينهما فرق دقة.
ثم إن النهي متعلق بالطبيعة ، كالأوامر ، ومن اللوازم العرفية لتعلّق النهي بالطبيعة الفورية والاستمرار بالنسبة إلى الأفراد الدفعية والتدريجية ، لأن معنى الردع عن الطبيعة إعدامها بالمرة ، فتكون الفورية والاستمرار من المداليل