إلى أنه إذا لم يصح استعمال المفرد في المتعدد ، لا يصح بالنسبة إلى التثنية والجمع أيضا ، لأنهما من عوارضه فيتبعهما ما يلحقه جوازا ومنعا.
ثم إنه لا بد في التثنية والجمع من جهة جامعة بينهما وبين المفرد ، لأن معناهما لغة وعرفا فردان أو أفراد من شيء واحد ؛ وتلك الجهة الجامعة إما أن تكون النوع المشترك بين الأفراد ، أو الجنس البعيد ، كما يقال : الماء والنار جسمان ، أو هما والتراب أجسام.
وقد تكون مطلق الشيئية ، كما يقال : الواجب والممكن شيئان ، وقد تكون مجرد الاشتراك في التسمية ، كالتثنية والجمع بالنسبة إلى الأعلام.
وفي التثنية والجمع بالنسبة إلى المشترك يتصور وجوه :
الأول : استعمال المفرد في معنى واحد ، وإرادة فردين أو أفراد منه ، وليس هذا من استعمال اللفظ في أكثر من معنى ، كما هو واضح.
الثاني : أن يراد بالمفرد المتعدد ، كما إذا استعمل العين في الباكية والجارية ، واريد بالعينين فردان من كل منهما ، وهذا من استعمال المفرد والتثنية في أكثر من معنى.
الثالث : استعمال المفرد في المعنى الواحد ، كالجارية ، واستعمال التثنية في الجارية والباكية.
والظاهر صحة الكل مع القرينة.
وحاصل ما ذكرناه في جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى واحد أنه يصح بتعدد الدال والمدلول ، والتعدد إما خارجي أو اعتباري ، فكما يصح في الأول يصح في الأخير أيضا ، لبناء جملة من المحاورات على الاعتباريات.
ثم إن ما دل من الأخبار على أن للقرآن بطونا لا يدل على صحة استعمال المشترك في أكثر من المعنى ، لأن تلك البطون من قبيل الإشارات والرموز التي لا يفهمها إلا أشخاص خاصة.