بدواع اخرى ، فلا استحالة فيه أبدا.
الجهة الثانية : اختلفوا في أنها هل تكون حقيقة في مطلق الطلب ، أو في الوجوب أو في الندب؟ والظاهر سقوط هذا البحث من رأسه ، لما تقدم من أن مفادها البعث نحو المبعوث إليه ، ومقتضى الإطلاق كونه بداعي الطلب الحقيقي ، فيحكم العقل حينئذ بلزوم الامتثال ما لم تكن قرينة على الترخيص.
فالوجوب حكم عقلي بعد تمامية الحجة والبيان ، كما أن الندب يستفاد من القرائن الخارجية ، لا من نفس الصيغة من حيث هي. نعم ، يصح إضافة كل منهما إلى الصيغة بالعناية. وإن أراد من قال بأنها حقيقة في الطلب ما ذكرناه ، فنعم الوفاق ، وإلا فلا دليل له عليه.
وما يقال : من أن الحاكم بالإلزام لا بد أن يكون من بيده الجزاء ، والعقل بمعزل عن ذلك.
مدفوع : بأن للجزاء مرتبتين ، مرتبة الاستحقاق على المخالفة ، ومرتبة الفعلية ، والاولى من حكم العقل ومترتبة على إلزامه ، والأخيرة وظيفة الشارع ، وتكون بيده وتحت اختياره.
الجهة الثالثة : قد استقرّت السيرة على أن الجمل الخبرية التي علم بورودها مورد البعث ، تكون مثل صيغة الأمر في إفادة الوجوب. ما لم تدل قرينة على الخلاف ، وقد استعملت في معانيها الحقيقة وهي النسبة الإخبارية ، لكن بداعي البعث والتحريك لا بداعي مجرد الإخبار. ولا إشكال فيه لكفاية مثل هذه الجمل في إتمام الحجة ، فيحكم العقل بلزوم الامتثال مع عدم ورود الترخيص ؛ فالإلزام مطلقا ـ فعلا كان أو تركا ـ إرشاد من حكم العقل ، ومن فروع قاعدة دفع الضرر المحتمل ، فكيف بالمقطوع؟! فيصح العقاب على الترك حينئذ عقلا وشرعا.
هذا إذا أحرز أنها وردت في مقام البعث والإنشاء. وأما إذا شك في ذلك