والمفروض أنه أقدر نفسه على الامتثال بالعصيان فارتفع المحذور.
فالأقسام في الأمر بالضدين ثلاثة : عصيانهما معا ، وعصيان أحدهما وإطاعة الآخر ، وإطاعتهما معا في آن واحد ، والعقل حاكم بإمكان الأولين وامتناع الأخير ، والترتب المبحوث عنه في المقام من الثاني لا الأخير ، فلا وجه لتوهم الامتناع.
إن قلت : هذا إذا كان عصيان الأمر بالأهم آنيا ، كما في الغريق المشرف على الهلاك ، فإن عصى ولم ينقذه وشرع في الصلاة فمات الغريق.
وأما إذا كان تدريجيا فلا يتحقق العصيان إلا بعد الفراغ من المهم ، فلا يتحقق شرطه حين الاشتغال بإتيانه ، فلا يثبت موضوع الأمر حينئذ بالنسبة إليه أصلا ، لفرض أن موضوعه عصيان أمر الأهم والمفروض عدم تحققه إلا بعد الفراغ من المهم.
قلت : في كل آن من آنات إتيان المهم عصيان ترك الأهم فهو منبسط على جميع الآنات انبساط الظلمة على الساعات ، لفرض وجوبه فورا ففورا ، ففي كل آن عصيان فعلي ومخالفة عملية للأهم ويتحقق بذلك موضوع أمر المهم ، مع إمكان أن يكون الشرط عزم المكلف على العصيان ، وكونه في مقام الهتك والعصيان ، كما يجوز جعل العصيان الخارجي على نحو الشرط المتأخر شرطا للأمر بالمهم. وتقدم أنه لا محذور في الشرط المتأخر في الاعتباريات ، شرعية كانت أو عرفية.
الثاني : ـ مما استدل به على امتناع الترتب ـ أن جوازه مستلزم لتعليق وجوب المهم على إرادة المكلف واختياره ، فيلزم خروج الواجب عن وجوبه ، لأنه إن اختار ترك الأهم يجب المهم ، وإلا فلا يجب ، مع أنه من تعليق الواجب على العصيان ومستلزم لتعدد العقاب عند تركهما معا ، وهو بعيد عن ساحته تعالى.